السؤال
سؤالي إخواني الكرام حول الفرق بين المسجد الجامع والمسجد الذي لا تقام فيه الجمعة، هل الأفضل الصلاة في المسجد الجامع؟ وهل الصلاة في المساجد التي لا تقام فيها الجمعة لها نفس أحكام المسجد الجامع من الذكر عند الدخول، وتحية المسجد وغيره، وهل كل مكان معد للصلاة وليس له إمام راتب وتصلى فيه أكثر من جماعة، ولا تصلى فيه كل الصلوات -كالفجر والجمعة-كالغرف التي في العمل هلهو مسجد؟ وهل الجماعة الأولى لها الأفضلية -بضع وعشرين درجة- وهل هنالك فرق إذا صلينا في مكاتبنا جماعة؟
وهل الجماعة الثانية في المسجد الجامع أفضل من صلاة الفرد؟
أرجو التوضيح للأهمية؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمسجد هو المكان الموقوف المعد لإقامة الصلاة، وقد بينا الفرق بين المسجد والمسجد الجامع في الفتوى رقم: 31325.
ولا شك في أن الصلاة في الجوامع الكبار التي يكثر فيها المصلون أكثر ثوابا منها في المساجد الصغار التي يرتادها عدد أقل طلبا لكثرة العدد، فالمسألة إذا مرتبطة بعدد المصلين في المسجد. فإن من المرجحات التي تتفاضل بها المساجد كثرة عدد المصلين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه النسائي وأبو داود.
وإذا ثبت لمكان ما أنه مسجد، بحيث كان معدا لفعل الصلاة، فقد ثبتت له جميع أحكام المسجد، فيشرع أن تقال الأذكار عند دخوله وعند الخروج منه، وأن يصلي داخله تحية المسجد، وانظر الفتوى رقم: 45959.
وليس من شرط المسجد أن يكون له إمام راتب، ولا أن تصلى فيه الصلوات الخمس، وأما الغرف التي في العمل ومكاتب الموظفين فلا تسمى مساجد، لأن وصف المسجد لا ينطبق عليها، ولكن صلاة الجماعة تجوز فيها ويحصل بها ثواب الجماعة، وإن كان فعلها في المسجد أولى، وانظر الفتوى رقم: 47981.
واعلم أن المضاعفة المذكورة في الحديث ببضع وعشرين درجة، إنما هي في فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وليست في فضل الجماعة الأولى على ما بعدها من الجماعات كما يوهمه سؤالك، وإن كانت الجماعة الأولى أولى أن يحرص عليها لما لها من مزيد الفضل بلا شك، والصحيح من قولي العلماء أن الجماعة الثانية في مسجد قد صلي فيه لا كراهة فيها، وأنها أولى من صلاة الفذ لعموم الأدلة الواردة في فضل الجماعة.
قال العلامة العثيمين مبينا أدلة هذا القول: وأما الصورة الثانية، أن يكون عارضا، أي أن الإمام الراتب هو الذي يصلي بجماعة المسجد، لكن أحيانا يتخلف رجلان أو ثلاثة أو أكثر لعذر، فهذا هو محل الخلاف.فمن العلماء من قال: لا تعاد الجماعة، بل يصلون فرادى، ومنهم من قال: بل تعاد، وهذا القول هو الصحيح، وهو مذهب الحنابلة، ودليل ذلك :
أولا: حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله. رواه أبو داود والنسائي. وهذا نص صريح بأن صلاة الرجل مع الرجل أفضل من صلاته وحده، ولو قلنا: لا تقام الجماعة لزم أن نجعل المفضول فاضلا، وهذا خلاف النص .
ثانيا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان جالسا ذات يوم مع أصحابه، فدخل رجل بعد أن انتهت الصلاة، فقال: من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام أحد القوم فصلى مع الرجل. رواه الترمذي.
وهذا نص صريح في إعادة الجماعة بعد الجماعة الراتبة، حيث ندب النبي عليه الصلاة والسلام من يصلي مع هذا الرجل، وقول من قال: إن هذه صدقة، وإذا صلى اثنان في المسجد وقد فاتتهما الصلاة فصلاة كل واحد منهما واجبة. فيقال : إذا كان يؤمر بالصدقة، ويؤمر من كان صلى أن يصلي مع هذا الرجل، فكيف لا يؤمر من لم يصل أن يصلي مع هذا الرجل ؟ انتهى.
والله أعلم.