هل لمن شتم أبواه أن يرد على الشاتم بمثله

0 282

السؤال

إذا شتم حد (أم ) أو (أب) الآخر، فماذا على المشتوم أن يفعل؟ يرد عليه بالسب، أو يقول له الله يسامحك،
أو يسكت، أو هناك شيء أفضل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فسباب المسلم فسوق وقتاله كفر. بذا صح الحديث عن الصادق المصدوق – صلى الله عليه وسلم – ولو علم الساب وأيقن أنه بفعله هذا يهدر حسناته ويضيع قرباته، بل ويمكن من سبه منها ليأخذها يوم القيامة أو يحمل عنه من أوزاره لما أقدم على فعله.

أما من وقع عليه السب فله أن يرد على الساب بمثل ما سبه لقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم {البقرة: 194}

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وكذلك له أن يسبه كما يسبه، مثل أن يلعنه كما يلعنه، أو يقول: قبحك الله، فيقول: قبحك الله، أو أخزاك الله، فيقول له: أخزاك الله، أو يقول: يا كلب يا خنزير، فيقول: يا كلب يا خنزير. فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره ولا يكذب عليه. انتهى

ولكن إذا كان الساب قد سب أباه أو شتمه، فليس له أن يسب أباه أو أن يشتمه، لأن هذا من باب ظلم البرآء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:  وإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه، لأن أباه لم يظلمه. انتهى.

وأفضل ما يفعله المظلوم تجاه من ظلمه هو أن يعفو عمن ظلمه، ويدعو له بالهداية. فمن فعل هذا فقد وقع أجره على الله؛ لأن الله سبحانه قد أمر بالعفو والصفح عن المسيء فقال: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم  {النور: 22} وقال سبحانه: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40} وندب سبحانه إلى رد السيئة بالحسنة استصلاحا للمسيء واستئلافا لقلبه فقال سبحانه: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم  {فصلت: 34}

ولقد كان العفو والصفح والدعاء للمسيء من أخلاق النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله، فقالت: لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين.

وفي صحيح البخاري قال عبد الله: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه و سلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة