السؤال
أدخر مبلغا في البوستة بدون فوائد، وقلق من هذا المبلغ، وأشعر أن ابني منذ إيداع المبلغ وهو مريض، وأنا لا أعرف ماذا أفعل، فهل هذا حرام أم حلال؟
أدخر مبلغا في البوستة بدون فوائد، وقلق من هذا المبلغ، وأشعر أن ابني منذ إيداع المبلغ وهو مريض، وأنا لا أعرف ماذا أفعل، فهل هذا حرام أم حلال؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإيداع الأموال في المؤسسات الربوية لا يجوز، ولو كان في ما يعرف بالحساب الجاري، لأن في ذلك إعانة لها على الربا، والمؤسسات الربوية من المؤسسات التي تحارب الله ورسوله، ولا يجوز للمسلم إعانتها، بل يجب عليه البعد عن التعامل معها، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الضرورة، والضرورة منتفية إذا وجدت البنوك الإسلامية التي تلتزم بالضوابط الشرعية.. ومن المعلوم أن هيئة البريد أو البوستة قائمة على التعامل الربوي، فعليك بأن تسحب أموالك من هذا المكان وتتوب إلى الله تعالى.
أما بخصوص مرض ابنك، فإننا لا نجزم بسبب ذلك، ولكن من الثابت بأدلة الشرع أن المعاصي سبب لحلول المصائب، يقول ابن القيم في كتابه النافع الجواب الكافي: ومن عقوبات الذنوب إنها تزيل النعم وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع بلاء إلا بتوبة. وقد قال الله تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير. وقال تعالى: ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فأخبر الله تعالى أنه لا يغير نعمته التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه، فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره، وأسباب رضاه بأسباب سخطه، فإذا غير، غير عليه جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد.. فإن غير المعصية بالطاعة غير الله عليه العقوبة بالعافية، والذل بالعز.. قال الله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال. وفي بعض الآثار الإلهية عن الرب تبارك وتعالى أنه قال: وعزتي وجلالي لا يكون عبد من عبيدي على ما أحب ثم ينتقل عنه إلى ما أكره إلا انتقلت له مما يحب عبيدي إلى ما يكره، ولا يكون عبد من عبيدي على ما أكره فينتقل عنه إلى ما أحب إلا انتقلت له مما يكره إلى ما يحب، وقد أحسن القائل:
إذا كنت في نعمة فارعها * فإن الذنوب تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد * فرب العباد سريع النقم. انتهى.
ونسأل الله تعالى أن يشفي ابنك، وأن يبارك لك في أهلك ومالك. وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية: 518، 6606، 49198.
والله أعلم.