السؤال
سألني صديقي يقول الله تعالى في كتابه الكريم: قل للؤمنين يغضوا من أبصارهم. فهل غض البصر هذا للمؤمنين فقط؟ أم للمسلمين كلهم؟ أم لعامة الناس أجمعين؟ أرجو إجابة دقيقة لأستطيع الرد عليه بكلام الله ورسوله.
سألني صديقي يقول الله تعالى في كتابه الكريم: قل للؤمنين يغضوا من أبصارهم. فهل غض البصر هذا للمؤمنين فقط؟ أم للمسلمين كلهم؟ أم لعامة الناس أجمعين؟ أرجو إجابة دقيقة لأستطيع الرد عليه بكلام الله ورسوله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقوله سبحانه
وشبيه بهذا قوله سبحانه: لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين {آل عمران:164}
فالمنة ببعث الرسول ليست على المؤمنين فقط بل هي على عموم الخلق لأنه صلوات الله وسلامه عليه بعث رحمة للعالمين، ولكن لما كان المؤمنون هم أكثر الناس انتفاعا به خصهم بالذكر.
قال القرطبي: وخص المؤمنين بالذكر لأنهم المنتفعون به، فالمنة عليهم أعظم. انتهى .
وكذلك الأمر هنا فإن أعظم الناس انتفاعا بالأمر بغض البصر هم المؤمنون؛ لأنهم القادرون بإذن الله على القيام به كما أمر الله، وفي تخصيص المؤمنين بالخطاب هنا إشارة إلى أنه من لم يحصل الإيمان على وجه الكمال فلن يطيق غض بصره ولن يقدر على ذلك. وقد أومأ الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره إلى هذا المعنى حيث قال في تفسيره لهذه الآية "أي: أرشد المؤمنين، وقل لهم: الذين معهم إيمان، يمنعهم من وقوع ما يخل بالإيمان. انتهى. ولا خلاف في أن كل مسلم مكلف بهذه الآية مخاطب بها.
أما غير المسلمين فهذا ينبني على أصل وهو هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟ والصواب أنهم مخاطبون بذلك، ولكن لا تصح أعمالهم إلا بعد تقديم الإيمان، وإنما يظهر ثمرة الأمر في زيادة العذاب عليهم في الآخرة. قال الرازي في تفسيره " {قل للمؤمنين} وإنما خصهم بذلك لأن غيرهم لا يلزمه غض البصر عما لا يحل له ويحفظ الفرج عما لا يحل له ، لأن هذه الأحكام كالفروع للإسلام والمؤمنون مأمورون بها ابتداء ، والكفار مأمورون قبلها بما تصير هذه الأحكام تابعة له ، وإن كان حالهم كحال المؤمنين في استحقاق العقاب على تركها ، لكن المؤمن يتمكن من هذه الطاعة من دون مقدمة ، والكافر لا يتمكن إلا بتقديم مقدمة من قبله ، وذلك لا يمنع من لزوم التكاليف له. انتهى
والله أعلم.