السؤال
أنا امرأة متزوجة، ولا أحب زوجي لأسباب خاصة، وقائمه بحقوقه على أكمل وجه، وأحاول جاهدة ألا أقصر معه بشيء، أو أن أبين له أني لا أحبه، ولا أزكي نفسي، أنا أحب شخصا آخر وهو يحبني، وليس بيننا أي علاقات أو تواصل فقط نعرف أننا نحب بعضا، وأنا أدعو الله دائما بهذا الدعاء: اللهم أنت أعطيتني نعما عظيمة ولم أتعمد جحدها، ولم أتعمد معصيتك، فاغفر لي ذنبي .. اللهم أنت من تضع المحبة في القلوب .. وأنت تعلم مقدار حبي لهذا الشخص، اللهم إن كان في اجتماعي معه خير لي في ديني ودنياي وأهلي وعاقبة أمري فاجمعني معه بالحلال عاجلا لا آجلا . وان كان في اجتماعي به شر لي في ديني ودنياي وعاقبة امري فأبعده عني، وانزع محبته من قلبي، وعوضني خير العوض.
هل هذا يجوز أم لا؟ وهل يعتبر هذا الدعاء من الأمور المستحيلة، أو من التعدي في الدعاء .. لأني قرأت آداب الدعاء، وفيها أن لايتعدى في الدعاء، وألا يدعو بأمر مستحيل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
أما عن الدعاء المذكور فليس هو من طلب المستحيل، وإنما هو من الاعتداء في الدعاء؛ لأنه يتضمن طلب إنهاء زواجك من زوجك الحالي من غير سبب سوى العشق المذموم، وهذا الإنهاء لن يكون إلا بطلاق أو خلع أو وفاة زوجك، وتمنيك لأي حالة من هذه بلا سبب سوى عشق رجل أجنبي عنك محرم، فلا يوجد في حالتك سبب معقول شرعا أو عرفا لتمني فراق زوجك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أبوداود والترمذي وحسنه، وابن ماجة وصححه الألباني.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: ( فحرام عليها رائحة الجنة ) فيه دليل على أن سؤال المرأة الطلاق من زوجها محرم عليها تحريما شديدا... وكفى بذنب يبلغ بصاحبه إلى ذلك المبلغ مناديا على فظاعته وشدته. اهـ
وقال القاري: ولا بدع أنها تحرم لذة الرائحة ولو دخلت الجنة. اهـ من تحفة الأحوذي للمباركفوري .
وقوله: ( في غير ما بأس ) أي التي تطلب الطلاق في غير حال شدة ملجئة إليه ، كما في شرح سنن ابن ماجه للسندي .
وفي الحديث أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي وصححه الألباني.
قال في تحفة الأحوذي: قوله : ( المختلعات ) أي اللاتي يطلبن الخلع والطلاق عن أزواجهن من غير بأس ( هن المنافقات ) أي العاصيات باطنا والمطيعات ظاهرا. اهـ .
ولو دعوت الله بتفريغ قلبك لزوجك، وأن يحببه إليك، وسألت بإخلاص لكان خيرا لك، ونحب أن ننبهك أختنا على أن من المنكرات أن يحب الرجل امرأة متزوجة بغيره فيشغل قلبها وفكرها، ويفسد عليها حياتها مع زوجها، وقد ينتهي بها الأمر إلى الخيانة الزوجية، فإن لم ينته إلى ذلك، انتهى إلى اضطراب الحياة، وانشغال الفكر، وهرب السكينة من الحياة الزوجية . وهذا الإفساد من الجرائم التي برئ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعلها فقال: من أفسد امرأة على زوجها فليس هو منا. رواه أحمد وأبوداود وصححه الألباني.
ومثل ذلك، أن تحب المرأة رجلا غير زوجها، تفكر فيه، وتنشغل به أكثر من انشغالها بزوجها وشريك حياتها، وقد يدفعها ذلك إلى ما لا يحل شرعا من النظر والخلوة، وقد يؤدي ذلك كله إلى ما هو أكبر وأخطر، وهو الفاحشة، أو نيتها، والنفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، والشيطان يأتي عن طريق الخطوات التي لا يشعر بها المرء، ثم يجد نفسه نادما حين لا ينفع الندم، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم {النور:21} ، وهذه الآيات في سورة النور التي فيها التنفير من الفاحشة .
فإن لم يؤد إلى شيء من ذلك أدى إلى تشويش الخاطر، وقلق النفس، وتوتر الأعصاب، وتكدير الحياة الزوجية، بلا ضرورة ولا حاجة، إلا الميل مع الهوى، والعشق المذموم.
فننصحك أختنا بالكف عن هذه الخواطر السيئة، والبعد عن الأسباب التي تشعل العواطف، وأن تتضرعي إلى الله بأن يفرغ قلبك لزوجك، وأن يجنبك ما أنت فيه من حيرة وقلق، وإذا صدقت نيتك في الإخلاص لزوجك واللجوء إلى الله، فإن الله - بحسب سنته - لا يتخلى عنك.
وننصحك بمراجعة الفتوى رقم: 69859، وما أحيل عليه فيها، ففيها بيان خطر العشق المحرم ووسائل التخلص منه. والفتوى رقم: 13385، وفيها بيان حكم سؤال الزوجة الطلاق لتعلقها بآخر، والفتوى رقم: 31019، في معنى الاعتداء في الدعاء وأنواعه .
والله أعلم.