الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ظهرت في الولايات المتحدة عدد من الفرق الباطنية، وانتشرت بشكل أساسي بين السود، وغلبت عليها الروح العنصرية. وتشترك هذه الفرق في أمور عديدة، منها:
1 ـ أن مؤسسيها هم من الزنوج، الذين نشروا دعوتهم وأفكارهم بين أبناء جلدتهم من السود، وقد تعصب هؤلاء للونهم وعرقهم، ومنعوا البيض من الانضمام لدعوتهم، واعتبروهم رمزا للشر والباطل.
2 ـ تأسست هذه الفرق والدعوات بعيدا عن العلم الشرعي، وسادها الجهل، نتيجة البعد عن العالم الإسلامي، وتأثرت بما يسود في الولايات المتحدة من أفكار وعقائد.
3 ـ الانحراف الشديد والابتداع والغلو، بحيث أن بعضها ضل في تحديد الخالق عز وجل، فيما ادعى بعض مؤسسيها النبوة، والبعض ألهه أصحابه!! والعياذ بالله.
ومن أهم هذه الفرق فرقة:أمة الإسلام في الغرب، التي قامت على أنقاض حركتين، إحداهما هي الحركة المورية التي دعا إليها الزنجي الأمريكي تيموثي نوبل درو علي، وهي دعوة فيها خليط من المبادئ الاجتماعية والعقائدية الدينية المختلفة وهم يعدون أنفسهم مسلمين.
وكان من أفكار فرقة أمة الإسلام في عهد مؤسسها فارد: التأكيد على الدعوة إلى الحرية والمساواة، والعمل على تحويل أتباعها من التوراة والإنجيل إلى القرآن، مع الاستمرار بالأخذ بالتوراة والإنجيل في بعض الأفكار.
وجاء بعده إليجا محمد الذي لم يؤمن بختم الرسالة عند النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأعلن أنه هو خاتم الرسل، وأنه جاء نبيا يوحى إليه من قبل فارد.
وأعلن إليجا أن الإله ليس شيئا غيبيا، بل يجب أن يكون متجسدا في شخص، وهذا الشخص هو فارد الذي حل فيه الإله، هو جدير بالدعاء والعبادة، وقد أدخل بذلك مفاهيم باطنية على فكر جماعته.
وبعد موت إليجا كان على المسرح لخلافته شخصان: ابنه والاس محمد -وارث الدين-، وزوج ابنته لويس فرح خان، وقد كان لكل واحد منهما تنظيمه وأتباعه، وكانا على خلاف، تمحور حول نهج إليجا، فقد رأى لويس فرح خان أن وارث الدين حاد وابتعد عن تعاليم إليجا، ذلك أن وارث الدين حاول في بعض الأمور إعادة جماعة أبيه إلى الإسلام الصحيح، في حين رأى فرح خان أن الجماعة يجب أن تظل متمسكة بتعاليم وانحرافات إليجا.
ووارث الدين هذا كان من أهم أعماله تصحيح المفاهيم الإسلامية التي اعتنقتها الحركة منذ أيام فارد وإليجا بطريقة خاطئة، ومحاولة تصويبها. ولا يعني هذا أن الحركة قد توجهت توجها إسلاميا صحيحا، لكنها تدل على تحسن نوعي طرأ على أفكار ومعتقدات الحركة قياسا على ما كانت عليه في عهد من سبقه.
فحركة أمة الإسلام في الغرب حركة مذهبية فكرية، ادعت انتسابها للإسلام، ولكنها أفرغته أمدا طويلا من جوهره ومضمونه، ذلك أنها في عهدها الأول، وإن كانت قد دعت إلى تحويل أتباعها صوب القرآن الكريم إلا أنها أبقت على فكرة الاستمرار في الأخذ من التوراة والإنجيل. وفي عهدها الثاني اتبعت المفاهيم الباطنية. وفي عهدها الثالث اتخذت هذه المنظمة اسما جديدا هو: البلاليون. نسبة إلى بلال الحبشي مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد أمر وارث الدين محمد بأن تكون الصلاة على الهيئة الصحيحة المعروفة، مع تصحيح المفاهيم الإسلامية السابقة لديهم، وبدأ الاتجاه الحقيقي لهم صوب الإسلام بمفهومه الحق.
وأما الفرحخانية التي ما زالت تتبع منهج إليجا محمد، فمن معتقداتها:
ـ أن الله قد خلق نفسه.
ـ أن جميع السود آلهة ويولد بينهم إله مطلق كل 25 ألف سنة.
ـ أحد الآلهة السود المسمى يعقوب قد خلق الإنسان الأبيض نتيجة لبعض التجارب الوراثية.
ـ أن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أرسل للعرب فقط، وإليجا أرسله الله إلى سود أمريكا وأنه آخر المرسلين.
ـ ويعتقد فرح خان أنه هو المقصود بالحواري بطرس المعروف في المسيحية، ويعتقد أنه لا يملك قوة الإحياء ولكن بواسطة صوت إليجا محمد سوف يحيي الأمة بأسرها.
وأما أفا محمد فهي المستشارة القانونية لفرح خان. والناطقة الرسمية باسم الجماعة، كما أنها إمام مسجد أتلانتا منذ عام 1998.
وأما واجب المسلمين تجاه هذه الأفكار المنحرفة التي تشوه الإسلام، فهو بيان وجه الإسلام الحق وحكمه في هذه الأفكار، ومنع ما يمكن منعه منها بحسب القدرة، وإظهار محاسن الإسلام والاجتهاد في الدعوة إليه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 60945. وما أحيل عليه فيها.
ولا يخفى أن بيان حال هؤلاء وتحذير الناس من ضلالهم يحتاج إلى علم وبصيرة وحكمة وبذل ودعوة، ولذلك ننصح بقراءة كتاب: أشهر الفرق الأمريكية المعاصرة المنتسبة للإسلام، وأثرها العقدي. وهو رسالة الماجستير للباحث: فهد بن عبد العزيز السنيدي. وكذلك، مجلة الراصد. العدد 15، والعدد 69،والعدد 70 ، وهي مجلة تقوم برصد حركة الفرق والطوائف المخالفة لمنهج أهل السنة والمسلمين.
والله أعلم.