السؤال
ما هو الحكم الشرعي في الانشغال بالسياسة، والانخراط في الأحزاب خاصة ذات التوجه اللائكي-العلماني-؟
و ما حكم دفع الأموال من أجل الانخراط في هذه الأحزاب، وما هو الحكم الشرعي إذا كانت هذه الأحزاب تؤيد مرشحا لا يطبق ما أنزل الله من أحكام مثل: تجويز بيع الخمور، و إبطال الأحكام الشرعية في الزواج و الطلاق، و منع العمل بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عن السؤال نريد أولا أن ننبه إلى أن العمل في السياسة الشرعية ليس بحرام؛ بل هو من فروض الكفاية التي يؤجر عليها من قام بها بصدق وإخلاص نية، ومع الأسف فقد شوهت هذه الفريضة العظيمة حتى أصبح كثير من أهل الدين والاستقامة يفر منها، ويظن العامة أن الاشتغال بها لا يجوز، وأنها مرادفة للنفاق والخداع والغش والمكر. وكل ذلك من جهل الناس بالدين وتلبيس العلمانيين ومن تشربوا بثقافة الغرب النصراني التي تفرق بين الدين والسياسة وتقول: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، وما دروا أن الجميع لله كما قال سبحانه وتعالى: ألا له الخلق والأمر. {الأعراف:54}. وقال تعالى: إن الحكم إلا لله. {الأنعام:57} وقال تعالى: ولا يشرك في حكمه أحدا. {الكهف:26}. وذلك لأن ديننا شامل لجميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذا كله في السياسة الشرعية.
أما سياسة الأحزاب أو التوجهات التي مبناها على الإلحاد في الدين، أو المشتملة على شيء من البدع أو المحرمات فإن العمل فيها حينئذ لا يجوز، وكذا الانتماء إليها والإعانة عليها.
وعلى ذلك فإن حكم الانضمام إلى الأحزاب السياسية ينبني على منهج ومجال نشاط تلك الأحزاب، فإن كان الحزب يعادي الإسلام ويوالي أعداءه، فإنه لا يجوز الانضمام إليه، ولا التعاون معه لأنه يعد من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه في كتابه، فقال تعالى: ولا تعاونوا على الأثم والعدوان. {المائدة:2}.
أما إذا كان الحزب قائما على الحق والعدل متمسكا بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهدي السلف الصالح، ويسعى لنفع الأمة وتعليم الناس، وإقامة الإسلام وتطبيقه في مجالات الحياة، وجمع كلمة المسلمين، فإن التعاون معه من الواجبات التي أمر الله بها في محكم كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم حيث يقول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى. {المائدة:2}.ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
ولا يخفى أن اللائكي -العلماني- مناف للإسلام في أساسه ومنهجه، وبالتالي فلا يجوز الانخراط فيه، و لا بذل المال له، ولا تقديم أي عون له.
وراجع للفائدة الفتويين رقم:31111، 111855 .
والله أعلم.