لم يستطع الوضوء ولا التيمم فصلى على حاله فهل يعيد

1 404

السؤال

صليت صلاة الفجر في المنزل من دون أن أتوضأ، وذلك بأني لا أستطيع المشي لأن قدمي مكسورة ولم يكن هناك من يعينني على إيجاد الماء أو التيمم؟ أفيدونا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الحال هو ما وصفت من عجزك عن الوضوء والتيمم، ولم تكن لك حيلة لتحصيل الماء للوضوء أو التراب للتيمم، فصلاتك صحيحة إن شاء الله، ولا إعادة عليك، فإن فاقد الطهورين يصلي حسب حاله، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ودليل ما ذكرنا حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيح حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجالا في طلب القلادة التي أضلتها عائشة فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ذلك فنزلت آية التيمم.

قال الشوكاني: قوله " فصلوا بغير وضوء " استدل بذلك جماعة من المحققين منهم المصنف على وجوب الصلاة عند عدم المطهرين الماء والتراب، وليس في الحديث أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط ، ولكن عدم الماء في ذلك الوقت كعدم الماء والتراب ؛ لأنه لا مطهر سواه ووجه الاستدلال به أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك . اهـ من نيل الأوطار.

وقال ابن القيم رحمه الله: وحالة عدم التراب كحالة عدم مشروعيته ولا فرق، فإنهم صلوا بغير تيمم لعدم مشروعية التيمم حينئذ فهكذا من صلى بغير تيمم لعدم ما يتيمم به فأي فرق بين عدمه في نفسه وعدم مشروعيته، فمقتضى القياس والسنة أن العادم يصلي على حسب حاله، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يعيد، لأنه فعل ما أمر به، فلم يجب عليه الإعادة، كمن ترك القيام والاستقبال والسترة والقراءة لعجزه عن ذلك فهذا موجب النص والقياس. اهـ من حاشية ابن القيم على تهذيب سنن أبي داود.

وفي المسألة أقوال أخرى سوى هذا القول الذي رجحناه، وقد بين ابن قدامة مذاهب العلماء في هذه المسألة، ورجح أن من عدم الطهورين صلى حسب حاله ، ولا تلزمه الإعادة ولو وجد الماء في الوقت فقال ما عبارته: وإن عدم بكل حال صلى على حسب حاله . وهذا قول الشافعي ، وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لا يصلي حتى يقدر، ثم يقضي،لأنها عبادة لا تسقط القضاء، فلم تكن واجبة، كصيام الحائض . وقال مالك: لا يصلي ولا يقضي، لأنه عجز عن الطهارة ، فلم تجب عليه الصلاة ، كالحائض . وقال ابن عبد البر: هذه رواية منكرة عن مالك. وذكر عن أصحابه قولين : أحدهما كقول أبي حنيفة والثاني يصلي على حسب حاله ، ويعيد . ولنا ما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أناسا لطلب قلادة أضلتها عائشة فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فنزلت آية التيمم ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا أمرهم بإعادة، فدل على أنها غير واجبة ؛ ولأن الطهارة شرط ، فلم تؤخر الصلاة عند عدمها ، كالسترة واستقبال القبلة . وإذا ثبت هذا، فإذا صلى على حسب حاله ، ثم وجد الماء أو التراب، لم يلزمه إعادة الصلاة في إحدى الروايتين، والأخرى عليه الإعادة. وهو مذهب الشافعي  لأنه فقد شرط الصلاة ، أشبه ما لو صلى بالنجاسة .

والصحيح الأول لما ذكرنا من الخبر، ولأنه أتى بما أمر، فخرج عن عهدته لأنه شرط من شرائط الصلاة فيسقط عند العجز عنه ، كسائر شروطها وأركانها،  ولأنه أدى فرضه على حسبه ، فلم يلزمه الإعادة ، كالعاجز عن السترة إذا صلى عريانا ، والعاجز عن الاستقبال إذا صلى إلى غيرها، والعاجز عن القيام إذا صلى جالسا. انتهى.

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : إني طريح الفراش ولا أقوى على الحركة فكيف أقوم بعملية الطهارة لأداء الصلاة وكيف أصلي ؟ فأجابت : أولا: بالنسبة للطهارة يجب على المسلم أن يتطهر بالماء ، فإن عجز عن استعماله لمرض أو غيره تيمم بتراب طاهر، فإن عجز عن ذلك سقطت الطهارة وصلى حسب حاله ، قال تعالى: ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ، وقال جل ذكره : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج)انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات