دعوا الله وقت السحر أن يشفي أمهم لكن المنية عاجلتها

0 280

السؤال

توفيت أمي فجر يوم الجمعة وقبل الفجر في وقت السحر دعونا الله أن يشفيها، وأيقنا بالإجابة حتى أذان الفجر ثم توفيت- الحمد لله على كل حال - أين ذهب دعاؤنا؟ هل الله لم يستجب لنا لذنوبنا؟ هل الموت من القضاء الذي يرد بالدعاء؟ وهل لنا أن ندعو الله بأن يجعل هذا الدعاء رفع درجات لها وأن يجعله في ميزان حسناتها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يرحم والدتكم، ونبشركم بأن الموت ليلة الجمعة أو نهارها، من علامات حسن الخاتمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر. رواه أحمد والترمذي وقال الألباني : الحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح.

وقال المباركفوري في شرح الحديث: الظاهر أن أو للتنويع لا للشك ( إلا وقاه الله ) أي حفظه ( فتنة القبر ) أي عذابه وسؤاله وهو يحتمل الإطلاق والتقييد، والأول هو الأولى بالنسبة إلى فضل المولى . وهذا يدل على أن شرف الزمان له تأثير عظيم كما أن فضل المكان له أثر جسيم. انتهى من تحفة الأحوذي .

أليست أيتها السائلة الكريمة هذه البشرى من آثار وفضائل الدعاء لها؟!

أما قولك: أين ذهب دعاؤكم، وهل لم يستجب لكم لذنوبكم؟ فالجواب: أن الدعاء قد يرد، ولو مع اليقين من العبد بأن الله سيستجيبه، وهذا قد يكون لوجود مانع من استجابة الدعاء، ثم لتعلمي ان استجابة الدعاء أعم من قضاء حاجة الداعي بعينها، فالاستجابة تكون بأحد ثلاثة أمور مذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده جيد. وراجعي الفتوى رقم: 120307. ففيها حل إن شاء الله لما يدور في ذهنك من إشكالات حول الدعاء واستجابته وما يتعلق بذلك .

وأما عن الموت فهو من القدر المحتوم الذي لا يرد بالدعاء، لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله قال قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية. قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة لن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل.

قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وهذا الحديث صريح في أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى وعلمه في الأزل، فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك.

وقد فصلنا الكلام على القضاء المحتوم والقضاء المعلق وأثر الدعاء فيهما في الفتوى رقم: 54532. فراجعيها.

ولكم أن تدعو الله بما ذكرت في سؤالك وبما شئتم من خير لوالدتكم، فهذا مما يصل للميت باتفاق العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم. وقد بينا في الفتوى رقم: 32151. ما يصل إلى الميت من أعمال فراجعيها، ونسأل الله تعالى أن يصبركم ويأجركم على مصيبتكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة