السؤال
ثلاثة إخوة (ذكر واحد وأنثيان) توفي والداهم، وبعد أن أخذ كل نصيبه بقيت أخت مع أخيها (غير متزوجة أما الأخرى متزوجة)، تكفل الأخ بأخته التي معه في جميع مصاريفها، لا سيما وأنها مرضت بالقلب ولزمها دواء كثير، وتكفل بمصاريف عمليتين، ولم يدعها تنفق من نصيبها في التركة، وكان هذا من باب الإحسان لأخته، قدر الله أن توفيت، ونشأت مشاكل في قسمة تركتها بعد أن سمع الأخ كلاما مؤذيا من زوج أخته (كلاما باطلا ومؤذيا حقا) فقرر أن يأخذ المصاريف التي أنفقها على أخته الفقيدة من التركة قبل القسمة، فالسؤال: هل يجوز له ذلك؟ وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن إنفاق الأخ على أخته والقيام بتكاليف أخته من دواء وغيره هو أمر حسن، نسأل الله تعالى أن يجزل له الأجر والثواب، خاصة وأنها كانت مريضة رحمها الله تعالى وأسكنها فسيح جناته.
وأما حكم أخذه للأموال التي أنفقها على أخته فإنه أنفقها بقصد الإحسان، وهذا يدل على أنها هبة، ولم ينو الرجوع، وأن نية الرجوع طرأت بعد كلام زوج أخته، فليس له إذا الرجوع بما أنفق.. قال في الروض المربع شرح زاد المستقنع: ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته اللازمة، لحديث ابن عباس مرفوعا: العائد في هبته كالكلب يقئ ثم يعود في قيئه. وللمزيد من الفائدة حول أنواع الهبة وأحكامها.. راجع الفتوى رقم: 97146.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذا قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.