السؤال
ما هو تفسير الآية الكريمة: أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به؟
ما هو تفسير الآية الكريمة: أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذه الآية من جملة الآيات التي تتحدث عن مسجد الضرار وهي قوله تعالى: لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين* أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين* لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم. {التوبة:108-109-110}.
وقد ذكر ابن جزي في التسهيل لعلوم التنزيل مجمل معناها فقال:
(لا تقم فيه أبدا) نهي عن إتيانه والصلاة فيه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمر بطريقه (لمسجد أسس على التقوى) قيل: هو مسجد قباء، وقيل: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقد روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) كانوا يستنجون بالماء ونزلت في الأنصار على قول من قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد المدينة. ونزلت في بني عمرو بن عوف خاصة على قول من قال: إن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد قباء (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار) الآية: استفهام بمعنى التقرير، والذي أسس على التقوى والرضوان: مسجد المدينة أو مسجد قباء، والذي أسس على شفا جرف هار: هو مسجد الضرار، وتأسيس البناء على التقوى والرضوان: هو بحسن النية فيه، وقصد وجه الله، وإظهار شرعه، والتأسيس على شفا جرف هار: هو بفساد النية، وقصد الرياء والتفريق بين المؤمنين، فذلك على وجه الاستعارة والتشبيه البديع، ومعنى شفا جرف: طرفه، ومعنى هار: ساقط أو واهي، بحيث أشفى على السقوط، وأصل هار: هائر، فهو من المقلوب لأن لامه جعلت في موضع العين (فانهار به في نار جهنم) أي طاح في جهنم، وهذا ترشيح للمجاز، فإنه لما شبه بالجرف وصف بالانهيار، الذي هو من شأن الجرف، وقيل: إن ذلك حقيقة، وإنه سقط في نار جهنم وخرج الدخان من موضعه، والصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بهدمه فهدم (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم) أي: لا يزال في قلوب أهل مسجد الضرار ريبة من بنيانه: أي شك في الإسلام بسبب بنيانه، لاعتقادهم صواب فعلهم: أو غيظ بسبب هدمه (إلا أن تقطع قلوبهم) أي: إلا أن يموتوا. انتهى.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 13034.
والله أعلم.