السؤال
رزقني الله سبحانه وتعالى بثلاثة ذكور في فترات زواجي ولم أعق عنهم لقلة ذات اليد، والآن والحمد لله عندي استطاعة، فهل يجوز أن أعق عن كل واحد منهم بشاة أم من الضروري أن أعق باثنتين، وهل يجوز أن أجمع أكثر من نية فقد نويت أن أجعلها في شهر رمضان القادم يعني هل ممكن أن أدخل في نيتي أن تكون إطعام مسكين مثل كفارة اليمين وإفطار الصائم، وهل إذا جعلت لوالدي المتوفى منها نصيبا هل يجوز أم أنها تكون بنية واحدة للعقيقة فقط. حيث إني نويت أن أجعل في شهر رمضان القادم ثلاث شياه وعندما يتيسر الباقي أجعلها أيضا في شهر رمضان التالي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأكثر أهل العلم على أن العقيقة سنة وليست واجبة، وعلى هذا فمن أخرها عن وقتها لا يعد آثما، ولكن فاته خير كثير، وأما من أخرها لقلة ذات يده ناويا فعلها عند تيسر حاله فلا يفوته شيء من الأجر إن شاء الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني. وراجع الفتوى رقم: 1383.
والسنة أن يعق عن الجارية شاة، وعن الغلام شاتان. ولو فرق بينهما فذبح واحدة ثم ذبح الثانية بعدها بمدة لم يكن بذلك بأس، وإن كان الأولى الجمع بينهما لمن استطاع. قال الشيخ الفوزان: لو ذبح واحدة اليوم والثانية ذبحها بعد أيام أو بعد يوم فلا مانع، وليس اللازم أن تكون الشاتان مجتمعتين في وقت واحد اهـ. وقال الشيخ الجبرين: يجوز التفريق بينهما بأن يذبح الأولى بعد أسبوع والثانية بعد أسبوعين، وهو خلاف الأولى اهـ. وراجع الفتويين رقم: 6323 ، 33037.
ولو اقتصر على واحدة للغلام كفت وأجزأت. قال النووي في (المجموع): السنة أن يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة، فإن عق عن الغلام شاة حصل أصل السنة اهـ. وقال ابن قدامة في (المغني): هذا قول أكثر القائلين بها... لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:أنه عق عن الحسن شاة وعن الحسين شاة اهـ. وراجع الفتوى رقم: 17790.
وجاء في (الموسوعة الفقهية): أن الشافعية نصوا على أن العقيقة لا تفوت بتأخيرها لكن يستحب ألا تؤخر عن سن البلوغ، فإن أخرت حتى يبلغ سقط حكمها في حق غير المولود، وهو مخير في العقيقة عن نفسه. وقال المالكية : إن وقت العقيقة يفوت بفوات اليوم السابع اهـ.
وبناء على هذا -أخي السائل الكريم- فإن كان من ذكرت من الأولاد لا يزالون تحت سن البلوغ فعليك أن تعق عنهم، وأما من كان منهم قد بلغ سن البلوغ فقد سقطت عنك المطالبة بعقيقته، و توجه الخطاب بها إليه هو فأنصحه بأن يعق عن نفسه كما سبق بيانه في الفتويين: 16868 ، 103244.
وأما جمع النوايا فهو ما يعرف بمسألة التشريك في النية، فحكمه أنه إذا كان في الوسائل أو مما يتداخل صح وحصل المطلوب من العبادتين، وكذلك إن كانت إحدى العبادتين غير مقصودة والأخرى مقصودة بذاتها، وأما الجمع بين عبادتين مقصودتين بذاتهما فلا يصح، لأن كل عبادة مستقلة عن الأخرى مقصودة بذاتها لا تندرج تحت العبادة الأخرى، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6579.
مما تقدم تعلم أنه لا حرج في أن تذبح العقيقة في رمضان لكي تجمع إلى ثواب العقيقة ثواب إطعام المساكين وإفطار الصائمين وصلة الرحم ونحو ذلك. وأما إخراج كفارة اليمين من العقيقة فالظاهر أنه لا يجزئ؛ لأن كلا منهما عبادة مقصودة لذاتها.
وأما مسألة جعل نصيب من العقيقة للوالد، فإن كان مراد السائل الكريم أن يهب جزءا من ثواب العقيقة للوالد، فهذا يجوز على الراجح من قولي أهل العلم في مسألة إهداء ثواب الأعمال الصالحة بصفة عامة للميت، كما سبق بيانه في عدة فتاوى، منها الفتويان: 8132 ، 11599. وإن كان قصده أن يشرك بين عقيقته وإهداء ثواب لميت في شاة واحدة فإن ذلك لا يجوز لأن كل واحد من الأمرين مقصود على انفراد.
والله أعلم.