مسائل تتعلق بإبراهيم عليه السلام

0 486

السؤال

ما هي الصحف العشر التي نزلت على سيدنا إبراهيم؟ فسيدنا إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، بل كان حنيفا مسلما، وهل هو مثلنا نحن أمة سيدنا محمد؟ أم ما هو أصل سيدنا إبراهيم؟ ومن أين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فصحف إبراهيم -عليه السلام- ورد ذكرها في القرآن في موضعين، وذكر فيهما بعض ما تضمنته هذه الصحف، فأما الموضع الأول: فهو قوله تعالى: أم لم ينبأ بما في صحف موسى* وإبراهيم الذي وفى {النجم:36-37}، ثم شرع تعالى يبين ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال: ألا تزر وازرة وزر أخرى {النجم:38} إلى آخر الآيات في سورة النجم وفيها:

أولا: أنه لا يؤخذ امرؤ بذنب غيره.
ثانيا: أن لا يثاب امرؤ إلا بعمله.
ثالثا: أن العامل يرى عمله في ميزانه خيرا كان أو شرا.
رابعا: أن الله خلق الموت والحياة.
خامسا: أن العباد كلهم راجعون يوم الميعاد إلى ربهم ومجازيهم بأعمالهم.
سادسا: أنه تعالى هو الذي أضحك وأبكى.
سابعا: أنه هو الذي أغنى وأقنى.
ثامنا: أنه هو الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة تصب في الأرحام.
تاسعا: أنه هو الذي يجازي العبد على سعيه الجزاء الأوفى.
عاشرا: وأنه هو رب الشعرى، النجم المعروف.
حادي عشر: وأنه هو الذي أهلك عادا الأولى، فما أبقاهم، بل أخذهم.
ثاني عشر: وأنه أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود، وقد كانوا أظلم وأطغى.
ثالث عشر: وأنه أهلك المؤتفكة، وهي قرى لوط وقد قلبت بأهلها وألبسها من العذاب ما ألبسها
. انظر كتاب الأنوار الساطعات لآيات جامعات للشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان رحمه الله.

وأما الموضع الثاني التي ذكرت فيه صحف إبراهيم -عليه السلام-: فهو قوله تعالى: إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى {الأعلى: 18-19}. يعني أن صحف إبراهيم وموسى تضمنت مضمون ماذكر في سورة الأعلى وقد ورد هذا في حديث ابن عباس قال: لما نزلت: (سبح اسم ربك الأعلى) قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: كلها في صحف إبراهيم وموسى، فلما نزلت (وإبراهيم الذي وفى) قال: وفى (ألا تزر وازرة وزر أخرى). رواه النسائي في السنن الكبرى والبزار، وقال: لا نعلم الثقات، عن عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس، إلا هذا الحديث وحديثا آخر. ورواه الحاكم في المستدرك، وصححه، ووافقه الذهبي.

فهذا ما وقفنا عليه مما صح أنه مما ذكر في صحف إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، وذكر كثير من المفسرين أقوالا وأمثالا قالوا إنها مما في صحف إبراهيم، إلا أنها أقوال لا دليل من السنة عليها. وقد ذكرنا طرفا من هذه الأقوال في الفتوى: 39965

وأما قول السائل: "الصحف العشر" فلم نقف على دليل صحيح يبين أنها كانت عشرا، وإنما ما ذكر في القرآن والسنة الصحيحة ذكر بلفظ: صحف إبراهيم دون بيان عددها، وورد أنها عشر في حديث أبي ذر -رضي الله عنه- الطويل الذي رواه ابن حبان في صحيحه، وهو حديث ضعيف جدا؛ كما في تحقيق الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان للشيخ شعيب الأرنؤوط.

وأما عن دين إبراهيم -عليه السلام-، فهو ملة التوحيد، ودين الإسلام حنيفا مسلما مثلنا تماما في أمور التوحيد والعقيدة وثوابت الأديان التي لم تختلف من رسول إلى آخر، كالإيمان بالجنة والنار والثواب والعقاب والبعث بعد الموت ونحو ذلك، وأما في فروع الشريعة فهي مختلفة عن شريعة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فقد كانت تشريعات كل رسالة تأتي متناسبة مع الأقوام الذين أرسل إليهم رسلهم، وقد بينا في الفتوى: 27614 أن الأنبياء يتفقون على الإيمان ويختلفون في الشرائع. وراجع أيضا الفتوى: 38850.

وأما أصل إبراهيم -عليه السلام-، ومن أين هو، فقد ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق ذلك، فحكى عن بعض العلماء أن إبراهيم -عليه السلام- ولد بغوطة دمشق بقرية يقال بها برزة، ثم قال ابن عساكر: والصحيح أنه ولد بكوثى من أرض العراق بإقليم بابل، وإنما نسب إليه هذا للمقام ببرزة، لأنه صلى فيه لما جاء معينا للوط عليه السلام. وكذا ذكر ابن كثير عنه في قصص الأنبياء وفي البداية والنهاية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة