هذه الوساوس لا تخرج من الملة

0 265

السؤال

قبل أن أذكر سؤالي أرجو منكم أن يتسع صدركم لي، أنا صاحب فتوى رقم 120266، جزاكم الله خيرا فقد أثلجتم صدري بإجابتكم، لكن سيدي، بدأت أتذكر أشياء بدرت مني وأرجو منكم الإجابة، وإن شاء الله تعالى لن أزعجكم بسؤال من هذا النوع بعد الآن، فأنا أرجو أن أمضي إلى ربي أبيض السريرة : سيدي : باختصار، بدأت أتذكر أشياء بدرت مني وأخشى أن يكون قد نقض إسلامي بذلك، ومما أتذكر ما يلي : كما أخبرتكم في سؤالي السابق، عندما كنت صغيرا، حوالي 15 سنة بعد أن بلغت الحلم بقليل، كان يراودني وسواس كثير فأدفعه بكل ما استطعت، (هذا الوسواس لازمني حتى كبرت لكن بفضل الله تخلصت منه) لكن يوما، بالإضافة إلى ما قلت في سؤالي السابق، جعلني أقول –لست متأكدا تماما أنني قلته، لكني أفترض أنني قلته حتى أبرئ ذمتي أمام الله- قلت : "اللهم إن كان هذا (أعني القرآن أو الإسلام) حقا وحي من عندك فاجعلني أحس بذلك كما لو أنني أمشي فوق الأرض"، أو قلت شيئا من قبيل هذا، فهل هذا ينقض إسلامي علما أنني كنت أدفع الوسواس عني لدرجة أنني أحيانا يتوقف عقلي عن التفكير أي أحس بشلل في تفكيري. يوما ما كنت أتحدث مع صديق لي، ودائما في نفس السن، وكان يحدثني عن القدر، وفي ذلك الوقت كنت في أزمة، فقلت له - وهذا بعيد عن الوسواس ولم أكن غاضبا - ولست أدري كيف قلته فقد كنت منذ صغري أحرص على رضا الله عز وجل ومعروف بأنني " متدين "، قلت له : " القدر الأحمق هو الذي أتى بي إلى هنا" أو " قدري - أنا- هو الأحمق الذي أتى بي إلى هنا" أو شيء من هذا القبيل. أستغفر الله العظيم وأتوب إليه. فهل قولي هذا ردة؟ وإن كان فماذا علي أن أفعل علما أنني متزوج. كنت عندما أسمع عن بلدان يطبقون حدود الله – القصاص مثلا – أحس بارتياح نفسي لأنه في بلدنا لا نطبق ذلك الحد، لم أكن أعلم أن ذلك قد يؤدي بي إلى الكفر والعياذ بالله، لكن بعدما تعلمت أصبحت والحمد لله متيقنا ومعتقدا اعتقادا راسخا أن حكم الله هو الأحق أن يحكم. فهل بإحساسي بالارتياح ذلك ينقض إسلامي؟ أحيانا وليس كثيرا، في أوقات طيش، كنت أردد "أغاني" بها كلمات فيها قسم – حلف – بغير الله، أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، هل هذا يخرجني من الدين؟
وسؤالي الأخير، سامحوني على الإطالة، هل علي أن أنقب وأبحث في الماضي عما بدر مني حتى أتأكد أنه لم يبدر مني شيء نقض إسلامي، فأنا أخشى أن يكون قد صدر مني شيء –قول أو فعل أو شك - نقض إسلامي ولا أتذكره الآن، وأحيانا أكاد أخبر زوجتي وأقول لها إنه علينا القيام بالزواج من جديد – أي عقد ومهر جديدين - وللعلم سيدي فهذه الأسئلة التي ذكرت لم تأتني حتى تخلصت من الوسواس الماضي بأيام قليلة، لعله وسواس جديد، لست أدري.
أرجوكم سيدي أرجوكم أجيبوني عن كل سؤال على حدة فأنا أعيش في وسواس دائم أخشى أن يقبض الله روحي فأموت على غير الإسلام والعياذ بالله. فإن كان فيما ذكرت مما صدر مني خروج عن الدين، فماذا علي أن أفعل علما أنني متزوج؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فالظاهر أن السائل الكريم قد عاوده الوسواس الذي سبق أن شفي أو تعافى منه، وكما تقدم في جواب السؤال الأول، فإن ما تشعر به مجرد وساوس وشكوك تأكل قلبك وتشغل بالك وتحول حياتك إلى جحيم، فإذا أردت الاطمئنان والراحة فلا تلتفت إليها، فإنما هي من الشيطان لإدخال الحرج والحزن إلى قلبك، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وأكثر من الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى ليصرف عنك السوء، ويجنبك كل مكروه هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد تضمن سؤالك أربعة أمور:

ا ـ ورد في سؤالك السابق وسبقت الإجابة عنه في الفتوى المتقدمة وقد بينا لك أن هذا القول ليس بردة ولا يخرج من الملة على افتراض أنك قلته.

2ـ ما صدر منك كان خطأ من غير قصد فليس ردة ولا إثم عليك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.

 3ـ الإحساس الذي شعرت به نتيجة الجهل لا يخرج عن الملة، وليس بردة أيضا. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 60824.

4ـ الحلف بغير الله تعالى ليس بكفر أيضا، وإن كان خطأ فمن أراد الحلف فليحلف باسم الله تعالى أوصفته، ولا يلزمك التنقيب في ماضيك للبحث عما تلفظت به من قبل، ولا تخبر زوجتك بالأمر، ولا تطلب منها تجديد عقد النكاح، فكلها أمور ناشئة عن تلك الوساوس.

وبخصوص سؤالك الثالث والأخير: فإن ما قمت به من النطق بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام لا يلزمك لأنك لم تخرج من الملة ولم تقع في ردة، وزواجك صحيح، ولا نفتيك ولا نأمرك بتجديد العقد لعدم وجود ما يبطله.

وما صدر منك قبل البلوغ لا أثر له، ولا تترتب عليه ردة لرفع التكليف حينئذ، والشيطان يوسوس لك احتمال  القيام بهذا الأمر بعد البلوغ، وهذا من مكايده ووساوسه ليشغل قلبك وينغص عليك حياتك، ويجعلك تعيش في حزن وقلق فلا تصغ لتلك الوساوس والهواجس، وزواجك صحيح لا يلزم تجديده.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسلامة من كل شر ومكروه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة