ما يلزم المغتسل إذا خرج المني بشهوة أثناء الغسل

0 418

السؤال

إذا أنزل الرجل المني بشهوة أثناء اغتساله، فهل يكمل الغسل أم ينتظر حتى يخرج كل المني ثم يعيد الغسل من الأول، وكذلك إذا نزل المني بغير شهوة هل يعيد الغسل أم لا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن خروج المني بشهوة موجب للغسل لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: إذا فضخت الماء فاغتسل. رواه أبو داود.

فإذا خرج المني من الرجل بشهوة أثناء اغتساله، فقد بطل ما مضى من غسله، ولزمه استئنافه كما لو أحدث أثناء الوضوء، وكما أن خروج المني لشهوة بعد الغسل يوجب إعادته فأثناءه أولى، قال ابن قدامة في المغني في موجبات الغسل:

أولها: خروج المني: وهو الماء الغليظ الدافق الذي يخرج عند اشتداد الشهوة، ومنى المرأة رقيق أصفر.

وروى مسلم في صحيحه، بإسناده، أن أم سليم حدثت أنها سألت نبي الله صلى الله عليه وسلم: عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل. فقالت أم سليم: واستحييت من ذلك. وهل يكون هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم إذا رأت الماء. متفق عليه. فخروج المني الدافق بشهوة، يوجب الغسل من الرجل والمرأة في يقظة أو في نوم. وهو قول عامة الفقهاء.قاله الترمذي.ولا نعلم فيه خلافا. انتهى.

 فمن خرج منه المني أثناء الغسل فعليه أن يستأنف غسلا آخر بعد انقطاع المني.

 وأما المسألة الثانية وهي خروج المني لغير شهوة: فهي محل خلاف بين أهل العلم، فمذهب الجمهور أن الغسل لا يجب إلا إذا خرج المني بشهوة، وذهب الشافعي إلى أن الغسل يجب ولو خرج المني لغير شهوة.

قال النووي في المجموع:

 أجمع العلماء على وجوب الغسل بخروج المني، ولا فرق عندنا بين خروجه بجماع أو احتلام، أو استمناء، أو نظر، أو بغير سبب، سواء خرج بشهوة أو غيرها. وسواء تلذذ بخروجه أم لا، وسواء خرج كثيرا أو يسيرا ولو بعض قطرة، وسواء خرج في النوم أو اليقظة من الرجل والمرأة، العاقل والمجنون، فكل ذلك يوجب الغسل عندنا، وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لا يجب إلا إذا خرج بشهوة ودفق، كما لا يجب بالمذي لعدم الدفق.
دليلنا الأحاديث الصحيحة المطلقة، كحديث: الماء من الماء. وبالقياس على إيلاج الحشفة، فإنه لا فرق فيه، ولا يصح قياسهم على المذي؛ لأنه في مقابلة النص، ولأنه ليس كالمني. انتهى.

ومن خرج منه المني لغير شهوة بعد اعتساله لزمه إعادته عند الشافعية، وكذا إذا خرج أثناءه فإنه يستأنفه، وقد فصل النووي هذه المسألة، وبين خلاف العلماء فيها، فقال رحمه الله:

 إذا أمنى واغتسل ثم خرج منه مني -على القرب- بعد غسله لزمه الغسل ثانيا؛ سواء كان ذلك قبل أن يبول بعد المني أو بعد بوله، هذا مذهبنا نص عليه الشافعي، واتفق عليه الأصحاب، وبه قال الليث وأحمد في رواية عنه.
قال مالك وسفيان الثوري وأبو يوسف وإسحاق بن راهويه: لا غسل مطلقا، وهي أشهر الروايات، وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعطاء والزهري وغيرهم رضي الله عنهم.
وقال أبو حنيفة: إن كان ما بال قبل الغسل ثم خرج المني فلا غسل عليه لأنه بقية المني الذي اغتسل عنه وإلا فيجب الغسل ثانيا، وهو رواية ثالثة عن أحمد وأبي حنيفة عكس هذا، إن كان بال ولم 
 يغتسل؛ لأنه مني عن غير شهوة وإلا وجب الغسل لأنه عن شهوة. دليلنا على الجميع قوله صلى الله عليه وسلم: الماء من الماء. ولم يفرق، ولأنه نوع حدث فنقض مطلقا كالبول والجماع وسائر الأحداث. انتهى.

ورجح الشيخ العثيمين أنه لو خرج منه المني بعد غسله لغير شهوة لم يلزمه إعادته، وإنما يلزمه الوضوء، فقال رحمه الله:

 هذا السائل الذي يخرج بعد الغسل من الجنابة إذا لم يكن هناك شهوة جديدة أوجبت خروجه فإنه بقية ما كان من الجنابة الأولى، فلا يجب عليه الغسل منه، وإنما عليه أن يغسله ويغسل ما أصابه ويعيد الوضوء فقط. انتهى.

ولا شك في أن الأحوط هو مذهب الشافعية، فالعمل به أولى .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات