موقف المسلم ممن يتهمه بأنه حصل على درجته العلمية بالمال

0 165

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم لو أن فلانا من الناس حصل على درجة علمية أو شهادة من بلد غير البلد الذي هو مقيم فيه، وعند ما عاد حاملا لتلك الشهادة بلغه أن أحدهم يروج بين الناس ويدعي عليه بأنه قد اشترى تلك الشهادة بالمال ولم يحصل عليها بجهده ودراسته. فما حكم هذا المدعي على حامل الشهادة، وهل يعتبر كلامه قذفا أم افتراءا أم ماذا؟ وهل يحق للأخير أن يطالب هذا المدعي بتعويض أو هل يحق له أن يشتكيه للقاضي الشرعي ويطالب برد اعتبار وتعويض عما قاله بحقه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن فعل ذلك بغير برهان وقع في إثم عظيم، لأنه من الوقيعة في أعراض الناس المحرمة ومن التقول عليهم بزور واتهامهم بالبهتان، وقد قال تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا. {الأحزاب:58}.

 وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما هي الغيبة بقوله: ذكرك أخاك بما يكره، فقيل له: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته. رواه مسلم.

 وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.

 ولا شك أن الآية والحديث وما في معناهما كل ذلك يفيد النهي الشديد عن أذية المسلم وسبه.

فعلى من يفعل ذلك أن يتقي الله تعالى في عرض أخيه ولا يتهمه بما لا علم له به، ولا حرج في رفعه للقضاء لتأديبه وتعزيره عن الوقيعة في عرض أخيه، ولكن لا يجوز إلزامه بتعويض عما ألحقه من ضرر معنوي لأن التعويض في الفقه الإسلامي لا يكون إلا عن ضرر مالي واقع فعلا، أو ما في حكمه، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 35535.

وليعلم السائل أن هذا الفعل لا يدخل في القذف بمعناه الاصطلاحي، ونصيحتنا للجميع هي الصلح دون اللجوء إلى المحاكم ونحوها دفعا لما قد ينشأ في النفوس من البغضاء، ولما قد يورثه ذلك من الشحناء، والمسلمون إخوة ومن غفر لأخيه زلته غفر الله له زلته، وما ازداد عبد بعفو إلا عزا، والصبر على الأذى والعفو عن الإساءة من عزائم الأمور، لقوله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين. {الشورى:40}. وقوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما* إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا. {النساء:148-149}. وقوله تعالى: ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل* إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم* ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور. {الشورى:41-42-43}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات