السؤال
أنا لدي مرض الشك بالدين، وأنا الحمد لله محافظة على واجباتي تجاه الله.. ولكني أتضايق جدا من هذا المرض، ومهما حاولت دفعة وإبطاله ونفيه إلا أني أشعر أن قلبي يصدق ذلك الشيء ولا يقتنع. والله لو أن اليقين والاعتقاد والتصديق في يدي لأنزلته على قلبي .. وشفيت والحمد لله قبل أشهر، ولكن أشعر الآن بدأ يعود لي في مسألة الشكر بحيث تأتيني أسئلة هل هذه نعمة أو لا؟ هل أشكر عليها أو لا؟ وأحيانا إذا قلت: نعمة قلبي لا يصدق ذلك، وأنا لا أريد أن أدخل في هذه المسألة خوفا من التطور فيه، وحتى لا يزيد علي هذا المرض ويتحول إلى أمراض أخرى وأسترسل معه وأضيع بين التفكير والأمراض النفسية فقررت إذا أتى ذلك في مسالة الشكر أن أقول اللهم لك الحمد على كل نعمة بدل من أن أذكر النعمة بعينها حتى لا أفكر كثيرا في هذا الأمر ويتطور. فهل فعلي صحيح وبماذا تنصحوني ...وأريد كتبا تزيد من إيماني ويقيني بالله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعافيك مما أنت فيه، ويذهب عنك هذه الوساوس، والشفاء من هذه الوساوس مرجو بإذن الله إن أخذت بالأسباب المشروعة المعنوية والمادية، وقد بيناها بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 19691، 103400. فنأمل مراجعتها للفائدة.
وأما مسألة الشكر على النعم، وشكك في بعض الأشياء هل هي نعمة أم لا؟ وكيفية شكرها، فنوصيك بعدم الاسترسال مع هذه الخواطر، وما جاءك من أمر لا يضرك دينيا أو دنيويا، فاشكري الله عليه، ولا تكثري من التفكير، ثم إنك إن شكرت الله شكرا عاما كما ذكرت في سؤالك فلا بأس بهذا، وعليك سؤال الله عزوجل أن يفرج عنك وأن يرزقك شكره، وداومي على وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل ففي مسند الإمام أحمد وسنن النسائي وأبي داود وصححه الألباني عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوما ثم قال: يا معاذ إني لأحبك فقال له معاذ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله وأنا أحبك قال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
وكذلك عليك بالاهتمام بالأعمال التي تعين على الشكر ومنها القناعة، فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس، وكن قنعا تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما، وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب. رواه الترمذي وابن ماجة وصححه الألباني.
واهتمي بالأحاديث الجامعة التي إذا قالها العبد فقد أدى شكر نعم الله عليه بدون أن يذكر كل نعمة باسمها كحديث عبد الله بن غنام البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر. فقد أدى شكر يومه، ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته رواه أبو داود وصححه ابن حبان، وحسنه الحافظ ابن حجر، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حديث حسن.
واعلمي أن أعظم ما يشكر العبد به ربه عز وجل هو أداء أنواع العبادات، وعلى رأسها الفرائض، كما روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.
ولمزيد من التفصيل حول شكر النعم وكيفيته وقواعده راجعي الفتويين رقم: 73736، 74127.
ثم إن استمرت حالتك وخفت من ازدياد أمر الوساوس فنوصيك باستشارة متخصصة نفسية لتأخذ بيدك في هذه المحنة.
وأما عن الكتب التي تزيد الإيمان فأعظمها كتاب الله عزوجل ثم القراءة في كتب السنة، وكتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله، وكتاب البحر الرائق في الزهد والرقائق للشيخ أحمد فريد، وكتاب ظاهرة ضعف الإيمان للشيخ محمد بن صالح المنجد، و كتاب معادلات إيمانية للشيخ عبد الحميد البلالي، ونسأل الله لك الإعانة على شكره وأن يعافيك.
والله أعلم.