أصابه شك في دينه فهل بانت منه امرأته التي لم يدخل بها

0 356

السؤال

أنا شاب مسلم في الثلاثين من عمري، عقدت قراني علي ابنة عمي ولم أدخل بها، ثم سافرت إلي الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة، وهناك تعرفت علي مجموعة من الملحدين -ويغفر الله لي- فمر بي شهران من الشك في ديني -والعياذ بالله- علما بأنني كنت في هذين الشهرين أصلي بانتظام، ولا أرتكب أي كبيرة من الكبائر، ولكن الشبهات أصبحت تؤثر في جدا، وأصبحت طوال النهار والليل أفكر هل ديننا هو الحق وما عداه هو الباطل؟ ثم هداني الله في نهاية هذين الشهرين إلي الحق وإلي طريق مستقيم، فعاد إلي الإيمان واليقين الكامل، وقررت أيضا ترك بلاد الكفر بإذن الله إلي غير رجعة، فهل تكون زوجتي بائنة مني ويجب علي أن أعقد عليها عقدا جديدا أم أن هذا لا يلزمني؟ وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

 فنسأل الله تعالى أن يشرح صدرك بالإيمان وأن يثبتك على الحق، ثم اعلم أيها السائل الكريم أنك مصيب في ترك بلاد الكفر، فإن السلامة لا يعدلها شيء ، والآخرة خير وأبقى.

وأما ما حصل منك مما سميته-الشك في ديني- فلو وصل إلى درجة الشك بالفعل بحيث لم تكن تقطع بصحة دين الإسلام بل أصبح احتمال بطلانه أمرا واردا بالنسبة لك، فهذه ردة ـ والعياذ بالله ـ ينفسخ بها عقد نكاحك في الحال لأنك لم تدخل بامرأتك، جاء في الموسوعة الفقهية:

 ردة أحد الزوجين موجبة لانفساخ عقد النكاح عند عامة الفقهاء، بدليل قوله تعالى: لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن. وقوله سبحانه: ولا تمسكوا بعصم الكوافر. فإذا ارتد أحدهما وكان ذلك قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ولم يرث أحدهما الآخر. اهـ.

 وراجع الفتوى رقم: 74023.

وذلك أن شهادة التوحيد يشترط في قبولها اليقين، قال الشيخ سليمان بن سحمان في منظومته في بيان شروط  لا إله إلا الله:

وسادسها وهو اليقين، وضده   هو الشك في الدين القويم المحمدي.

ومن شك فليبقى على رفض دينه   ويعلم أن قد جاء يوما بموئد.

بها قلبه مستيقنا جاء ذكره   عن السيد المعصوم أكمل مرشد.

ولا تنفع المرء الشهادة فاعلمن ... إذا لم يكن مستيقنا ذا تجرد .     الدرر السنية في الأجوبة النجدية . وراجع الفتوى رقم: 5098.

فالشك الذي هو نقيض اليقين، وهو التردد بين شيئين، كالذي لا يجزم بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يكذبه، ولا يجزم بوقوع البعث ولا عدم وقوعه. لا يكون العبد معه مؤمنا فلا بد لحصول الإيمان أن يكون العبد موقنا يقينا جازما بمدلول شهادة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله؛ قال تعالى: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون. {الحجرات:15} .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة. رواه  مسلم.

 فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط. وتوبة الشاك تكون بالإتيان بالشهادتين مع الجزم واليقين بما كان قد شك فيه.

ولكن يبقى النظر في كون ما حصل عندك هل وصل إلى هذه الدرجة أم لا، لأنك تقول: كنت في هذين الشهرين أصلي بانتظام ولا أرتكب أي كبيرة من الكبائر. فإن هذا دليل على وجود الإيمان، وظاهره أن الأمر لم يتعد عندك مرحل الشبهة التي تفكرت فيها حتى وصلت إلى بطلانها، وحصلت اليقين القاطع بصحة دينك وسلامة إيمانك من الشبهات، فلا يتعدى الحكم عندئذ حكم الوسوسة في الإيمان.

وعلى أية حال فالحمد لله الذي نجاك وهداك، وعلى أسوأ الأحوال إن كان الأمر قد وصل بالفعل إلى الشك المخرج من الملة، فيمكن إجراء عقد نكاح شرعي جديد بحضور ولي المرأة والشهود، دون الحاجة إلى تسجيل ذلك في الأوراق الرسمية، بل يسعكم أن تكتفوا بالعقد الرسمي الأول، هذا مع الغالب على الظن عندنا أنه لا داعي لإجراء عقد جديد فنكاحك قائم، وما حصل مجرد وساوس لم ترتق إلى درجة الشك المخرج من الملة.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة