السؤال
رجل تقدمت به السن، وأصبح لا يدرك الصيام، ولا يعرف معناه. فهل تجوز عنه الكفارة؟ علما بأن هذا الموضوع نتيجة مرض.
وشكرا.
رجل تقدمت به السن، وأصبح لا يدرك الصيام، ولا يعرف معناه. فهل تجوز عنه الكفارة؟ علما بأن هذا الموضوع نتيجة مرض.
وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشخص إن عجز عن الصيام، فإما أن يكون عجزه عنه لكبر أو مرض، فإن كان لكبر فله أن يفطر، وعليه فدية طعام مسكين، لقوله تعالى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين [البقرة:184].
قال ابن عباس في هذه الآية: ليست بمنسوخة، وهو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينا.
وإن كان عجزه لمرض، فإن كان لا يرجى برؤه، فله أن يفطر وعليه الفدية.
قال ابن قدامة في المغني: (وإنما يصار إلى الفدية عند اليأس من القضاء). انتهى.
وإن كان مرضه يرجى برؤه، فلا فدية عليه، والواجب انتظار القضاء، وفعله عند القدرة عليه لقوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر [البقرة:184].
وهذا التفصيل المذكور إنما هو فيمن لم يذهب عقله.
أما من ذهب عقله، فإن كان بسبب إغماء، فإنه يجب عليه القضاء.
قال ابن قدامة: (وعلى المغمى القضاء بغير خلاف علمناه، لأن مدته لا تتطاول غالبا). انتهى.
وإن كان زواله لجنون، فلا قضاء عليه عند الجمهور، ومنهم: أبو حنيفة والشافعي وأحمد، لأنه فاقد لشرط التكليف وهو العقل.
وقال مالك:(يجب عليه القضاء متى ما عاد إليه عقله، لأنه مرض فيندرج في قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا)).
إلا أن الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور: من أن المجنون لا قضاء عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أبو داود.
والفرق بين الجنون والإغماء: أن الجنون يطول، والإغماء لا يطول غالبا. ولا خلاف بين العلماء في عدم لزوم الفدية لفاقد العقل: مغمى كان أو مجنونا.
وعليه؛ فهذا الرجل إن كان فاقد العقل فقدانا مستمرا -كما هو الظاهر من السؤال-، فإنه لا قضاء عليه، ولا كفارة لشبهه بالمجنون.
والله أعلم.