السؤال
كيف يكون الدعاء على الظالم جائزا؟ فهل لا ذنب في ذلك؟ وإن شعر الإنسان بالندم فماذا يفعل؟ فهناك امرأة تعرضت منذ زمن بعيد إلى ظلم من خطيبها حيث طلب منها بعد ثمانية أشهر فسخ الخطوبة دون أن يبين السبب والأرجح أن يكون ذلك ناتجا عن مشكلة بسيطة في شراء تجهيزات الفرح، المهم كان لذلك تأثير كبير عليها واستجاب الله لها في دعائها عليه ولكنها نادمة الآن فهل أن الرضا والعفو كان خيرا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجوز للمظلوم أن يدعو على الظالم بقدر ظلمه دون تعد، فإن تعدى في دعائه فهو ظالم ، قال القرافي: وحيث قلنا بجواز الدعاء على الظالم فلا تدعو عليه بمؤلمة من أنكاد الدنيا لم تقتضها جنايته عليك، بأن يجني عليك جناية فتدعو عليه بأعظم منها فتكون جانيا عليه بالمقدار الزائد والله تعالى يقول: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. أنوار البروق في أنواع الفروق.
والدعاء إذا كان فيه تعد فإنه لا يستجاب، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. صحيح مسلم.
والدعاء على الظالم نوع انتصار منه، قال الإمام أحمد: الدعاء قصاص. وقال: فمن دعا فما صبر، أي فقد انتصر لنفسه. وانظري الفتوى رقم: 70611.
وننبه إلى أن فسخ هذا الرجل للخطبة ليس بالضرورة أن يكون ظلما للمخطوبة، فالعدول عن الخطبة ليس محرما، كما أنه قد يكون قد فسخ الخطبة لسبب عنده لم يذكره لها.
أما عن كون العفو أفضل من الانتصار للنفس من الظالم، فهذا في الأصل مما لا شك فيه، فقد تضافرت أدلة الشرع على هذا المعنى، قال تعالى: وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. {النحل:126}. و قال تعالى: وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم. {النور:22}. وقال تعالى: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور. {الشورى:43}.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: .. وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.
والله أعلم.