السؤال
أرسلت لحضراتكم سؤالا برقم 2223415 وكان جواب حضراتكم برقم فتوى 120386 فأخافني الجواب وشعرت أنه ليس هناك توبة، وما معنى عتق رقبه في وقتنا وكيف ولا أستطيع أن أصل لأهل الموتى؛ لأنهم لا أعرفهم ومنذ سنين، ولا حتى إن وصلت بالفرض وهذا مستحيل كيف لي الجرأة بالتكلم معهم، ولا أستطيع صيام شهرين متتابعين. وهل أستطيع أن أعطي مالا لأي فقير بالتعويض وكم؟ والله إني خائفة أن أموت وأنا لا أعرف ماذا افعل؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يبدل سيئاتك حسنات، ثم اعلمي أنه لا يحول بينك وبين التوبة شيء، والله عز وجل واسع المغفرة، ورحمته وسعت كل شيء، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا يكلف سبحانه نفسا إلا وسعها، وما جعل علينا في الدين من حرج، قال تعالى: هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج {الحج: 78} وقال سبحانه: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها {البقرة: 286} فالواجب أن يبذل المسلم ما يستطيعه فحسب، كما قال تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم {التغابن: 16} وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. رواه البخاري ومسلم.
وجاء في الموسوعة الفقهية: يشترط قدرة المكفر على التكفير، لأن إيجاب الفعل على غير القادر ممتنع. فإذا كانت الكفارة مرتبة فلا يجزئه الانتقال من خصلة إلى ما بعدها حتى يعجز عن الأولى.. اهـ.
فإن كان عجزك عن صيام الشهرين عجزا مؤقتا فأخريه لوقت تستطيعين فيه الصوم، وإن كان عجزا مؤبدا فلا شيء عليك عند جمهور العلماء. وقيل: عليك إطعام ستين مسكينا، كما سبق بيانه في الفتويين: 99805، 5914.
وأما الدية فإنها ليست عليك، وإنما على العاقلة، وهي من الحقوق المالية الخالصة للعباد ولا تسقط بالتقادم. فإن كان الوصول لأهل المتوفى مستحيلا ـ كما ذكرت ـ فيعامل هذا المال معاملة الدين في الذمة، ويمكن أن تتصدقوا بقيمتها باسم أصحابها بحيث إن طالب أصحاب الحقوق بحقوقهم يوم القيامة، كان ثواب تلك الصدقة كافيا لقضاء حقوقهم؛ فإن الله حكم عدل.
وعلى أية حال فلو بذلت ما في وسعك وفعلت ما تقدرين عليه فلا بأس عليك، فإن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.