السؤال
ما هي أفضل وأصح كتب الفقه المقارن من بين هذه الكتب؟ الكتاب الأول اسمه: الفقه على المذاهب الأربعة للإمام الجزيري. الكتاب الثاني اسمه: مختصر اختلاف العلماء للإمام الطحاوي. والكتاب الأخير اسمه: الفقه على المذاهب الخمسة للإمام مغنية. هل في هذه الكتب استفادة؟ وإن لم يكن فدلني على الكتاب المفيد للفقه المقارن؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك حرصك على طلب العلم، ونحن نجيب على سؤالك أولا، ثم ننصحك بما فيه الخير لك إن شاء الله.
فأما الكتب المذكورة فمنها ما لا يعول عليه، ولا يلتفت إليه ككتاب الفقه على المذاهب الخمسة، فإن مؤلفه مشهور بالبدعة، وليس كتابه من الكتب المعتبرة عند أهل السنة، فلا ينبغي لك اقتناؤه ولا النظر فيه.
وأما كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري رحمه الله ، فهو كتاب جيد، وفيه محاولة لتقريب أقوال الأئمة، وعرض مذاهبهم، ولكن وقعت لمؤلفه أوهام ليست بالقليلة، وخطأ كثير في عزو الأقوال ونسبتها إلى المذاهب، مما لا ينبغي معه الاكتفاء بالاعتماد عليه في نسبة المذاهب إلى أصحابها، وأيضا فإن المؤلف لم يول الأدلة الشرعية العناية اللائقة بها، فلم يذكر في الغالب أدلة المذاهب، ولا مآخذ أصحابها، مما يقلل شيئا ما من شأن الكتاب، وإن كنا لا ننكر جهد مؤلفه في جمعه وترتيبه.
وأما كتاب مختصر اختلاف العلماء لأبي جعفر الطحاوي رحمه الله، فمؤلفه إمام كبير من أرفع أئمة الحنفية قدرا ، وسائر تصانيفه فيها نفع ، ومنها كتابه هذا، فإنه جيد جدا، ومفيد لطالب العلم، وبخاصة إذا كان متقدما في الطلب، وفيه شيء من ذكر الأدلة، وإيراد الحجج والانتصار في الغالب لقول أبي حنيفة.
ولكن ثم كتب في الفقه المقارن، قد تكون أنفع لطالب العلم من كتاب الطحاوي رحمه الله من جهة عنايتها بذكر الأدلة، وجودة ترتيبها وتبويبها، واستيعابها للأقوال، وإكثارها من ذكر الفروع التي يحتاج إليها، ومن هذه الكتب:
1- كتاب المغني لابن قدامة المقدسي، المتوفى سنة عشرين وستمائة، وهو سفر نفيس أبدع فيه مؤلفه في سرد المذاهب وإيراد الحجج، وقد قال عز الدين ابن عبد السلام رحمه الله أحد أئمة الشافعية: ما طابت نفسي بالفتوى حتى اقتنيت المغني والمحلى. انتهى.
2- كتاب المجموع شرح المهذب لأبي زكريا النووي، المتوفى سنة ست وسبعين وستمائة، والجزء الذي كتبه النووي منه من أحسن وأنفع ما كتب في الفقه، قال ابن كثير رحمه الله : ومما لم يتممه ولو كمل لم يكن له نظير في بابه: شرح المهذب الذي سماه المجموع، وصل فيه إلى كتاب الربا، فأبدع فيه وأجاد وأفاد، وأحسن الانتقاد، وحرر الفقه فيه في المذهب وغيره، وحرر الحديث على ما ينبغي، والغريب واللغة وأشياء مهمة لا توجد إلا فيه، وقد جعله نخبة على ما عن له ولا أعرف في كتب الفقه أحسن منه. انتهى.
3- كتاب المحلى بالآثار لأبي محمد ابن حزم الظاهري المتوفى سنة ست وخمسين وأربعمائة، وهو كتاب نفيس نافع، وتقدمت فيه مقولة ابن عبد السلام، وفيه ذكر الأدلة ومذاهب الصحابة والتابعين، ولكن ينبغي لقارئه أن يحذر شدته على أهل العلم .
4- ومن كتب الفقه المقارن النافعة، التمهيد لابن عبد البر، قال الذهبي في السير : وعندي لولا ابن عبد البر لما ذهب ابن حزم وما جاء في إسناد مذاهب التابعين ومن بعدهم. فابن عبد البر هو صاحب الفضل وهو صاحب الإسناد. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 53776.
5- والموسوعة الفقهية الكويتية قد بذل فيها جهد كبير حتى استحقت أن تكون مرجعا لنقل الخلاف وعزو الأقوال .
ولكننا مع هذا ننصحك إن كنت من المبتدئين في طلب العلم، ألا تخوض لجة الفقه المقارن حتى تدرس مذهبا معينا من المذاهب المعتبرة على شيخ متقن، وتعرف أدلته، وتحرر مسائله لئلا تكون قراءتك في هذه الكتب مدعاة إلى تشوش فكرك، وانقطاعك عن الطلب والتحصيل، وعليك بقراءة كتب علماء أهل السنة المعاصرين الذين عرفوا بالرسوخ في العلم، وسهولة الأسلوب، وحسن عرض المسائل ككتب وفتاوى العلامتين ابن باز، وابن عثيمين.
وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.