السؤال
أنا طفل صغير السن، أحسست اليوم بأني سوف أموت، حتى وصلت حالي إلى أن أكتب وصية، وأنا الآن أكتب لك وأنا قلبي ينبض بسرعة. ولا أدري ماذا أفعل؟
أنا طفل صغير السن، أحسست اليوم بأني سوف أموت، حتى وصلت حالي إلى أن أكتب وصية، وأنا الآن أكتب لك وأنا قلبي ينبض بسرعة. ولا أدري ماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأصلح الله بالك أيها الابن العزيز، واعلم أن الموت ليس عدما، وإنما هو انتقال من دار إلى دار، من دار العمل إلى دار الجزاء، وبحسب هذا الجزاء يكون الموت راحة أو عناء، سعادة أو شقاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: إنا لنكره الموت !! قال: ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه ، كره لقاء الله وكره الله لقاءه. رواه البخاري ومسلم.
ولذلك فالعاقل هو الذي يستعد لهذه اللحظة بالاجتهاد في إرضاء الله وطاعته؛ لكي يكون الموت في حقه انتقالا من الضيق إلى الراحة والسعة والسعادة، فقد مرت جنازة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مستريح ومستراح منه. قالوا: يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه؟ قال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب. رواه البخاري ومسلم.
فاجتهد ـ بني الحبيب ـ أن تتوجه بمشاعرك التي تشكو منها؛ لكي تكون اجتهادا في عمل صالح ينفعك في دنياك وأخراك، كحفظ القرآن الكريم، وحفظ شيء من الأحاديث النبوية كالأربعين النووية، والمحافظة على صلاة الجماعة والسنن الرواتب، وحضور مجالس العلم، وبر الوالدين، ومساعدة المحتاجين، واختيار الصحبة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.
وقد سبق أن بينا أن الخوف من الموت نوعان: أولهما: مركوز في طبيعة البشر، وهذا غير مذموم؛ لأنه خارج عن نطاق التكليف، ولا دخل للإنسان في حصوله، وثانيهما: مذموم وهو الوهن المذكور في الحديث بحيث يكون الإنسان حريصا على البقاء في الدنيا متمتعا بشهواتها وملذاتها غافلا عن الآخرة وما يتعلق بها، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 80408 ، 97322.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 30907.
والله أعلم.