إقرار الموسوس كإقرار المكره

0 422

السؤال

شيخي الحبيب، مشكلتي كبيرة جدا، بدأت منذ 8 سنوات وهي: أنني مصاب بالوسواس القهري الشديد -ومع الأسف- كنت لا أعلم أني مصاب بهذا المرض إلا بعد فترة كبيرة، المهم أنني كنت ملتزما جدا بالصلاة، فلقد أوصلني هذا المرض لحالات من الغضب الشديد وحالات تشبة الجنون بضرب رأسي بالحذاء، والبكاء والتخبط فى الكلام، وفي مرة كنت قد صدرت مني ألفاظ كفرية كالسب لله. هذا الكلام مضى عليه أكثر من 5سنوات، أنا أعلم جيدا أن الله غفور رحيم، ولقد قرأت كل الأسئلة المتعلقة بذلك أن مريض الوسواس القهرى لايؤاخد بما يصدر منه إذا غلب هذا المرض على عقلة، أنا والله أريد أن أسال لمجرد الراحة النفسية لأني والله أتألم جدا، وبالنسبة لي قد طبقت الفتوى المتعلقة بي في أنني ذهب عقلي أم لا في هذه اللحظة، ولكنى ويعلم الله لست متيقنا من الصواب، ففي أوقات أتاكد وأتيقن بنسبة شك راجح أنني قد فقدت عقلي، وأوقات أخرى يأتي لي شىء ويقول لي: لا، أنت كنت واعيا لما قلته، وأنني كنت أريد السب لكني-يعلم الله- في نيتي لم أكن أريد السب لله ولكن الوسواس القهرى حملنى على السب، ويعلم الله أنني لا أدعي ما أقول فسؤالي هنا: أريد أن أعرف وأستريح-أراح الله قلبك- ماهو الرأى الصائب في إذا كنت مشتتا وغير متأكد من أنني فعلت ذلك عن وعي أم لا؟ وخاصة أنني- يعلم الله- لا أتذكر باليقين الحدث إذا كنت فى وعيي أم لا؟ وسؤالي: ماهو حكم الدين في ما إذا كنت شاكا فى ذلك؟ لأني والله عندي حالة من النسيان قوية جدا، خاصة أنني في أوقات كثيرة أحاول أن أتذكر وأقول أنني كنت مسلوب الإرادة ولم أستطع أن أتحكم في نفسي، وكنت قد فقدت عقلي وذلك بنسبة شك راحج، وأوقات يصور لي أنني فعلت ذلك بوعي وإدراك، وأنني كنت أستطيع التحكم فى نفسي لكني أحس أنه الشيطان يصور لى ذلك. وسؤالى الأخير: ماهو حكم إقرار الموسوس القهري على نفسه أمام القاضي فى كل القضايا خاصة الأمور المتعلقة بالحدود وأمور السب والردة؟ أفيدوني وأريحوني أراح الله قلبكم لأني تعبت جدا من كثرة البحث عن حل لمشكلتي؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فنسأل الله لك العافية من هذا الداء العضال الذي ألم بك، وقد سبقت لنا عدة فتاوى حول ماهية هذا المرض وطريقة علاجه، وانظر هاتين الفتويين: 3086، 3171.

ثم اعلم أن المصاب بالوسواس القهري مغلوب على عقله، فلا يسأل ولا يؤاخذ بما يصدر منه من قول أو فعل دفعه إليه الوسواس، لأنه في معنى المكره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه أبو داود.

 ومن ثم فالأمر يسير يا أخانا، ولا ينبغي لك أن تشق على نفسك، وتحملها ما لا تطيق، وترهقها من أمرها عسرا، فإنك إن شاء الله غير مؤاخذ بما صدر منك إذا كنت لم تتعمد النطق بكلمة الكفر، ولم ينشرح بها صدرك، واعلم أن رحمة الله واسعة، فإن من تعمد أي ذنب حتى لو كان الكفر، ثم رجع إلى الله بالتوبة النصوح تاب الله عليه، فلا تسئ الظن بربك، ولا تظن أنه يؤاخذك بما لم يكن باختيار منك، وعليك أن تعرض عن الوسواس جملة، وتجتهد في الإقبال على عبادة ربك، والإكثار من أنواع العبادات والأذكار، إلى أن يمن الله عليك بالعافية.

وأما إقرار الموسوس، فهو كإقرار المكره لأنه مغلوب على عقله غير مختار فيما يقول ويفعل، وقد نص العلماء على أن إقرار المكره غير معتد به.

 قال ابن قدامة في المغني: ولا يصح الإقرار من المكره، فلو ضرب الرجل ليقر بالزنا لم يجب عليه الحد ولم يثبت عليه الزنا، ولا نعلم من أهل العلم خلافا في أن إقرار المكره لا يجب به حد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة