السؤال
أسألكم بالله العلي العظيم أن تجاوبوني بما يحكم به شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
سؤالي عن الإجهاض : أعلم أنه إذا كانت مدة الحمل قد تجاوزت الأربعة أشهر فلا يجوز في هذه المرحلة الإجهاض إلا إذا كانت هناك أسباب تستدعي الإجهاض لسلامة حياة الأم أو غيرها، ولكن إذا قام أحد بالإجهاض بدون أي سبب مقنع ـ مع أنه يعلم أنه حرام ولا يجوزـ فهل يعتبر كمن قتل نفسا بغير حق ؟.
سؤالي هو: ما حكم شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فى من قام بهذا ومن ساهم فيه كإعطاء حبوب للإجهاض؟ وما هي كفارته ؟ قال تعالى في سورة التكوير: { وإذا الموؤودة سئلت (8) بأي ذنب قتلت (9) }. فهل هي الموؤودة التي ذكرها القرآن الكريم ؟ وهل تعتبر هذه جريمة قتل ؟ علما أن كفارة القاتل القتل فما كفارة من ساهم ؟.
للعلم أيضا من قام بهذا العمل ومن ساهم قد تابواإلى لله تعالى توبة نصوحا، هل تكفي ؟.
اسأل الله أن أجد ما يرضي الله تعالى منكم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإجهاض بعد نفخ الروح -كما هو الحال في مسألتنا - محرم بالإجماع؛ لأنه قتل للنفس التي حرم الله بغير حق، وقد اتفق الفقهاء على أن الجنين إذا انفصل ميتا فديته غرة، وهي عبد أو أمة يبلغ مقدار قيمتها عشر دية أمه.
وفيه كذلك على الراجح كفارة القتل، كما هو مذهب الشافعية والحنابلة،أما إذا انفصل حيا فمات ففيه الدية والكفارة عند الجميع.
ومن ساعد في حصول الإجهاض بمجرد إعطاء الدواء أوالدلالة عليه فالواجب عليه التوبة النصوح، لما في فعله من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان {المائدة:2} وليس على هذا النوع من المساعدين أكثر من التوبة، وهذا بخلاف من باشر الإسقاط فإنه يجب عليه مع التوبة أن يشترك في الدية (الغرة) وتجب عليه كذلك الكفارة، فقد نص الشافعية والحنابلة على أنه إذا اشترك اثنان فأكثر في الإسقاط فإن الغرة بينهم وعلى كل واحد منهم كفارة. وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 28671،ورقم: 113826. والكفارة تكون بعتق رقبة مؤمنة، فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين، وقد سبق بيان الدية والكفارة في القتل الخطإ في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 13171، 76990، 45029.
وبهذا يتبين خطأ اعتقاد السائل الكريم أن كفارة الإجهاض القتل، وليس بصواب كذلك أن الجنين الساقط بالإجهاض هي الموءودة المذكورة في القرآن، فإن الموءودة هي التي كان أهل الجاهلية يدسونها في التراب حية كراهية البنات، كما في (تفسير ابن كثير) وعلى أية حال فالحمد لله الذي وفق من ارتكب هذا الجرم للتوبة النصوح.
والله أعلم.