الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطمأنينة واجبة في الصلاة كلها، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته بأن يطمئن في قيامه وركوعه وسجوده، وحد الطمأنينة في القيام هو أن يعتدل قائما، ويقرأ ما أوجبه الله عليه من الفاتحة، وإن قرأ شيئا بعدها فيما تشرع فيه القراءة فحسن، وحد الطمأنينة في الركوع، والسجود، والاعتدالين قد ضبطه بعض أهل العلم بأن يبقى وقتا يتسع للإتيان بالذكر المشروع.
قال محمد المختار الشنقيطي في شرح زاد المستقنع: الطمأنينة: هي الوقت الكافي الذي يصدق به تحصيل الركن، ففي القيام لا إشكال أنه سيقرأ الفاتحة فيحصل الطمأنينة المعتبرة، فإن وقت قراءة الفاتحة قدر للطمأنينة.
لكن بحث العلماء في الطمأنينة في الركوع والسجود والرفع من الركوع والرفع من السجود.
أولها: إذا ركع، لأنه في القيام سينشغل بالقراءة، فلو ركع فإن الواجب عليه تسبيحة واحدة، فإذا ركع ثم رفع مباشرة ولو قال: سبحان ربي العظيم اختطافا فإنه حينئذ لا يجزيه هذا الركوع؛ لأنه لم يطمئن، وهذا هو الذي وقع من المسيء صلاته، وهو الذي من أجله نبهه النبي صلى الله عليه وسلم على صفة الصلاة؛ لأن هذا الرجل كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة صلى ولم يحسن الصلاة، والمراد بعدم إحسانه الصلاة استعجاله فيها.
فالطمأنينة إذا ركع أن ينتهي إلى الركوع الكامل، فإذا انتهى إلى الركوع الكامل يقول: سبحان ربي العظيم، وقدر قوله: سبحان ربي العظيم يعتبر تحصيلا للطمأنينة. انتهى.
وضبط بعض العلماء الطمأنينة بأنها السكون وإن قل.
وبهذا تعلمين أن أمر الطمأنينة أيسر بكثير مما تتوهمينه، فإنه لا ينافي الطمأنينة الواجبة تحريك اليد أو الرجل في الصلاة، فإن هذه حركة يسيرة يعفى عنها ولا تؤثر في صحة الصلاة، وقد بينا أقسام الحركة في الصلاة، وما يؤثر في صحتها وما لا يؤثر بيانا مفصلا في الفتوى رقم: 121351.
فعليك إذا قمت من السجود إلى الركعة الثانية أن تبادري بالقراءة فور اعتدالك قائمة، ولا تطيلي الصمت.
ثم إذا حركت يدك أو رجلك في أثناء القيام فلا يضرك ذلك، ولا يشرع لك إعادة الصلاة لهذا الأمر.
وختاما نذكرك بما بدأنا به من لزوم الإعراض عن الوسوسة، والاجتهاد في تحصيل العلم النافع.
والله أعلم.