ليس من شروط التحريم أن يكون المحرم مجمعا على تحريمه

0 228

السؤال

هل مسألة رسم ذوات الأرواح بدون تجسيم-حبر على ورق فقط- تعتبر من مسائل الإجماع على حرمتها أم خلافية ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الرسم لذوات الأرواح إذا كان مجسما حرم بالإجماع، وممن نقل هذا الإجماع النووي في شرح مسلم حيث قال: وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره.

وإذا كان الرسم باليد على الورق واللوحات والجدران والثياب وغيرها، فهو محرم أيضا عند جماهير العلماء من السلف والخلف؛ لأن الأحاديث جاءت مطلقة، ولم تفرق بين المجسم، وغير المجسم، كحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم. رواه البخاري ومسلم. وقال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير. فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، سمعته يقول: من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا. فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، فقال: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح. رواه البخاري. وفي رواية: كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم. وقال: إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له. رواه مسلم.

فلا يجوز تصوير أو رسم شيء فيه روح، ولا تعليق صورته، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة-أي وسادة- فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله، فعرفت في وجهه الكراهية فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟ قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال: لهم أحيوا ما خلقتم. وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة. رواه البخاري ومسلم.

وليس من شروط التحريم أن تكون المسألة من مسائل الإجماع، بل متى ورد نص محكم من القرآن أو السنة الصحيحة بتحريم شيء فهو محرم، ولا يضر خلاف من خالف في هذا، كما قال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا. {الأحزاب:36}.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة: فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا، ولا رأي ولا قول، كما قال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. {النساء:65}. ولهذا شدد في خلاف ذلك، فقال: ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا. انتهى.

ولمعرفة المزيد عن حكم الرسم عموما، والحكمة من ذلك راجع الفتوى رقم: 14116.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة