السؤال
أنا متزوج منذ خمس سنوات وقد تزوجت برأي والدي فلم تعجبني زوجتي أبدا ولم أمل إليها طيلة هذه الفترة بسبب غرورها وحبها للدنيا وعدم حسن أخلاقها، وسبق وأن طلقتها طلقة واحدة ثم راجعتها بسبب إصراروالدي على إرجاعها، ثم انجبت منها طفلا وقررت الآن أن أطلقها بعدما استعملت معها كل الطرق في إصلاحها ولكن والدي لا يريدني أن أطلقها ويقول إنك لو طلقتها سأغضب عليك، فهل على حرج إن طلقتها رغم غضب والدي علي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن حق الوالد على ولده عظيم، وطاعته وبره من أوجب الواجبات، كما أن عقوقه من أكبر الكبائر ومن أسباب سخط الله لكن الطاعة إنما تكون في المعروف، فإذا كان عليك ضرر في بقاء هذه الزوجة معك، فلا يجب عليك طاعة والدك في إمساكها ولا حرج عليك في طلاقها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد وأنه إذا امتنع لا يكون عاقا وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى، فإن أكل المكروه مرارة ساعة، وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه كذلك ولا يمكن فراقه.
لكن ننبهك إلى أن الطلاق لا ينبغي أن يصار إليه إلا بعد استنفاذ كافة مراحل الإصلاح بين الزوجين، فإن الطلاق ليس بالأمر الهين، وإنما هو تشتيت للأسرة، وله أضرار نفسية واجتماعية، ولذلك كان مبغوضا في الشرع إذا لم يكن لحاجة، كما ننبهك إلى أن وجود المودة والتفاهم بين الزوجين قد يحتاج إلى الصبر وإلى التغافل عن بعض الأمور والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، فعن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضى منها آخر. صحيح مسلم.
كما أن مشاعر الحب والمودة ليست شرطا لاستقرار الحياة الزوجية، قال عمر رضي الله عنه لرجل يريد أن يطلق زوجته معللا ذلك بأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم؟! وقال أيضا لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.
والله أعلم.