الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز اقتراف الحرام كسبا لتدريب أو وظيفة ما لم تكن هناك ضرورة معتبرة شرعا.
ولتعلم أخي السائل أن الأرزاق بيد الله تعالى، فهو مالك خزائن السماوات والأرض، وقد تكفل لك ولأهلك برزقهم، وأعظم وسيلة لحصول الرزق هي الالتزام بطاعة الله والبعد عن المعاصي، فقد قال الله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها {هود: 4}.
وقال تعالى: وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم {العنكبوت:60}.
وقال سبحانه: وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم {الحجر: 21}.
واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن رزق الله لا يسوقه حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره, بل طاعة الله عز وجل وتقواه هي أعظم سبب لتحصيل الأرزاق وسعتها، كما قال الله تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق: 2-3}.
وقال الله تعالى: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا {الطلاق: 4}.
ومن أجل الطاعات التي تعين على ذلك فريضة الصلاة والمحافظة عليها وتربية الأهل عليها، كما قال سبحانه: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى {طـه:132}.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم.
وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون.
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك.
وفي الحديث: ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الترغيب.
وفي الحديث: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه الإمام أحمد وصححه الألباني والأرنؤوط.
وفي الحديث الآخر: الرزق أشد طلبا للعبد من أجله. رواه القضاعي وحسنه الألباني.
وفي رواية للطبراني: لو فر أحدكم من رزقه لأدركه كما يدركه أجله.
وقال الشاعر:
لقد علمت وما الإسراف من خلقي * أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى إليه فيعييني تطلبه * ولو قعدت أتاني ليس يعييني.
وهذا محله ما لم تكن ضرورة ملجئة، وقد بينا حد الضرورة في الفتويين رقم: 6501.
وررقم: 3198.
والله أعلم.