السؤال
أنا عندي مشكلة وأتمنى منكم أن تفيدوني، أنا أعيش مع زوجتي من 7 سنوات تقريبا، وعندي طفلان وبنت والمشكلة هي: أنني قد رميت عليها الطلاق أكثر من مرة أربع مرات تقريبا، لكن كنت في حالة غضب منها، الأولى كنت سكران عندما رميت عليها الطلاق، ومرتين كنت غاضبا منها، والرابعة أيضا كنت غاضبا وهي حامل، أرجوا أن تفيدوني جزاكم الله خيرا، لأنني الآن في حالة نفسية وتشتيت للذهن؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسكران الذي نتج سكره عن فعل محرم بأن شرب المسكر قاصدا لشربه عالما به ووصل به الحال إلى فقد العقل والتمييز إن طلق في هذه الحال فطلاقه محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى وقوعه، ومنهم من لم يعتبره، والراجح عدم وقوعه، كما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد بينا الخلاف والترجيح في الفتوى رقم:11637.
أما إن كان في بدايات السكر أو كان السكر لم يفقده تمييزه بمعنى أنه يدري ما يقول، فإن طلاقه يقع قولا واحدا.
وأما باقي الطلقات التي أوقعتها على زوجتك في حالة الغضب فلها أحوال: فإن كان الغضب لم يتجاوز بك حده العادي الذي يعرض للناس عند رؤية ما يسوؤهم، فلا خلاف في وقوع هذه الطلقات، لأن هذا النوع من الغضب لا يمنع من وقوع الطلاق، وإلا ما وقع طلاق البتة، لأن الغالب الأعم أن الإنسان لا يطلق إلا وهو غاضب، وعلى ذلك فإن زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك - نكاح رغبة لا نكاح تحليل - ثم يطلقها.
وإن كان الغضب قد بلغ بك مبلغا أفقدك وعيك وصيرك إلى حالة من فقدان التمييز والشعور، فإن الطلاق لا يقع، فإن لم يبلغ بك الغضب هذا المبلغ ولكن صيرك مدفوعا إلى الطلاق دفعا تحت تأثيره بحيث لا تقدر على إمساك لسانك عن التلفظ به، فإن طلاقك في هذه الحالة لا يقع أيضا على الراجح من كلام أهل العلم، وقد فصلنا حكم طلاق الغضبان وأحواله في الفتوى رقم: 11566
.
وإنا ننصحك بعرض الأمر على المحكمة الشرعية أو مشافهة بعض أهل العلم في بلدك حتى يستبين منك ملابسات الطلاق على وجه الدقة.
وفي النهاية نوصيك بالتوبة إلى الله سبحانه مما كان منك من جريمة شرب الخمر، فإنها من كبائر الذنوب التي توجب سخط علام الغيوب، وتجلب ذل الدنيا وخسارة الآخرة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة. متفق عليه.
والله أعلم.