السؤال
أعاني من وسوسة في قراءة الفاتحة، كنت قد صليت الظهر جماعة في المسجد وشككت في لحني في القراءة فصليت الظهرمرة أخرى منفردا، وعندما رجعت إلى العمل وجدت أحد الزملاء في العمل وصل متأخرا ولم يدرك صلاة الظهر جماعة مع الباقين، فطلب من أحد الحاضرين الذين فرغوا لتوهم من الصلاة في العمل أن يصلي معه جماعة، وأثناء ذلك قررت أن أصلي الظهر معه مرة أخرى حتى أدرك فضل الجماعة، فتقدمت على أن أكون الإمام، ولكن هذا الزميل وقف إماما باعتبار أني صليت وهو لم يصل بعد ـ وعلم أنني صليت لأنني أخبرته ـ فوقفت مأموما كارها لظني أن هذا الزميل يلحن في الفاتحة، وفي الركعة الثالثة قرأ الفاتحة بسرعة معتدلة ولكنني بطيء فلم أستطع أن أكمل قراءة الفاتحة، فقطعت نية الصلاة ولكنني لم أنصرف وتابعته مأموما حتى السلام، هل من تعليق على هذا الحادث؟ وهل أخبر هذا الزميل أنني لم أكمل الصلاة معه وأنني غششته؟ علما بأنه عندما فرغ أخذ يقول لي بارك الله فيك مرتين وفي موقفين مختلفين ظنا منه أنني أديت الفرض، وإنما صليت معه ليتم له فضل الجماعة، وفي الحقيقة أنني إنما صليت معه لنفسي ومع ذلك لم أتم الصلاة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بلغت منك الوسوسة مبلغا عظيما فيما يظهر، فعليك أن تعرض عن هذه الوساوس لتستقيم عبادتك، فإن فتح باب الوسوسة مجلبة لشر عظيم يصعب تداركه، فعليك إذا كنت موسوسا في قراءة الفاتحة أن تقرأها مرة واحدة ولا تلتفت إلى ما يلقيه الشيطان في قلبك من أنك ربما لحنت أو أخطـأت في حرف أو نحو ذلك، فإن علاج الوسوسة هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 51601.
ثم إن كان شكك هذا قد وقع بعد الفراغ من الصلاة، فإن إعراضك عنه يزداد تأكدا فإن الشك بعد الفراغ من العبادة لا أثر له، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 55598.
وعليه، فإن إعادتك الصلاة مرة ثانية كان خطأ منك، لأنه استسلام للوسوسة، وفيه ارتكاب لما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من أن تصلى الصلاة في يوم مرتين، رواه أبو داود.
وأما إعادتك الصلاة مرة مع زميلك هذا فقد ارتكبت فيها جملة من الأخطاء فمنها: رغبتك في التقدم للإمامة لشكك في كون زميلك لا يجيد القراءة، وهذا مما جره عليك انقيادك للوسوسة، فاعلم أن الأصل هو صحة صلاة المسلمين وهذا اليقين لا يترك بالشك، والأولى أن يكون المفترض هو الإمام خروجا من خلاف من منع صلاة المفترض خلف المتنفل، ومنها: قطعك الصلاة بلا موجب، وقد نهى الله عز وجل عن ذلك في قوله: ولا تبطلوا أعمالكم {محمد:33}.
وهذه الصلاة وإن كانت نافلة في حقك، لكن قطعك لها بلا موجب مكروه عند بعض أهل العلم ومحرم عند بعضهم، وقد كان يجب عليك حين ركع الإمام ولم تزل في القراءة أن تتم قراءتك ثم تتابع الإمام في الركوع، ومنها: تظاهرك بأفعال الصلاة من قيام وركوع وسجود وأنت في غير صلاة، لأنك أبطلت صلاتك بقطع النية، وأما صلاة الإمام فصحيحة ولا يبطلها قطعك للصلاة، فإن الراجح أن نية الإمامة ليست شرطا في صحة الصلاة، قال النووي رحمه الله: ولو نوى الإمامة وعين المقتدى فبان خلافه لم يضر، لأن غلطه لا يزيد على ترك النية ولأنه لا يربط صلاته بصلاته. انتهى.
وعليه، فلا يلزمك أن تخبر زميلك بما كان، لأن صلاته وقعت صحيحة وأجزأته، ولكن عليك ألا تكرر هذه الأخطاء، وأن تسعى في علاج نفسك من الوساوس بما أشرنا إليه من الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها.
والله أعلم.