السؤال
في صحيح البخاري حديث أنه لا يقطع شيء صلاة المسلم. وبه أخذ الإمام مالك في مذهبه.
لماذا لم يأخذ الباقون بهذا الحديث وأخذوا بحديث المرأة والحمار والكلب الأسود أي منهم يقطع الصلاة؟
في صحيح البخاري حديث أنه لا يقطع شيء صلاة المسلم. وبه أخذ الإمام مالك في مذهبه.
لماذا لم يأخذ الباقون بهذا الحديث وأخذوا بحديث المرأة والحمار والكلب الأسود أي منهم يقطع الصلاة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحديث : لا يقطع الصلاة شيء. لم يروه البخاري في صحيحه كما ذكر السائل، بل ترجم البخاري بابا بعنوان: من قال لا يقطع الصلاة شيء. وروى فيه حديثا عن عائشة رضي الله عنها، وأثرا عن ابن أخي ابن شهاب أنه سأل عمه- يعني الزهري- عن الصلاة يقطعها شيء فقال لا يقطعها شيء. والحديث المذكور رواه أبو داود في سننه (رقم719) بسنده عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقطع الصلاة شيء وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان. وفي إسناده مجالد بن سعيد وهو متكلم فيه. والحديث ضعفه: ابن تيمية، وابن حجر، وعبد الحق الإشبيلي، وابن الجوزي، وابن عبد الهادي وغيرهم. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، فتح الباري ، الأحكام الكبرى، العلل المتناهية ، تنقيح التحقيق .
ولأن الحديث لم يثبت فلم يأخذ به من قال بأن الصلاة تقطعها المرأة والحمار والكلب الأسود لأن هذا هو الثابت عنده في الحديث، فقد روى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل .
وأما عن الخلاف في مسألة قطع الصلاة، فذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن مرور شيء بين المصلي والسترة لا يقطع الصلاة ولا يفسدها ، أيا كان، ولو كان بالصفة التي توجب الإثم على المار، وقال الحنابلة مثل ذلك، إلا أنهم استثنوا الكلب الأسود البهيم فرأوا أنه يقطع الصلاة، ولهم روايات أخرى في المسألة، وفي المسألة تفصيلات وأدلة أخرى غير الحديث المذكور في السؤال، تراجع لها الفتاوى التالية أرقامها: 30485، 28786،32586، 28786.
وننبه السائل إلى أنه لا يوجد أحد من العلماء المعتبرين يتعمد ترك حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمة كتابه رفع الملام عن الأئمة الأعلام: وليعلم أنه ليس أحد من الأئمة -المقبولين عند الأمة قبولا عاما- يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته ؛ دقيق ولا جليل. فإنهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم. وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك, إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه, فلا بد له من عذر في تركه. وجميع الأعذار ثلاثة أصناف:
أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
والثاني: عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة بذلك القول.
والثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ .
وهذه الأصناف الثلاثة تتفرع إلى أسباب متعددة. ثم ذكرها رحمه الله، و ننصح السائل بقراءة الكتاب المذكور فهو فريد في بابه.
والله أعلم.