السؤال
أنا متزوجة منذ ستة أشهر وأقيم في كندا أنا وزوجي نظرا لظروف دراسته، في البداية طلب زوجي تأجيل الحمل فترة فوافقته، لكن بعد إلحاح مني ومن الأهل بدأنا نفكر في الحمل، وتم حملي ـ والحمد لله ـ ولم أبلغ والدتي إلا بعد أن تأكدت من الحمل، مما أثر فيها قليلا، خصوصا أنني ابنتها الوحيدة والمقربة لها ولكنها سامحتني بعد يومين ـ وطبعا كانت فرحة لسماع الخبرـ في الأسبوع الثامن من الحمل اكتشفت عن طريق ـ السونار ـ توقف نمو التوأم وعدم نبض قلبهما، وهكذا حتى الأسبوع العاشر من الحمل وهم متوقفون من الأسبوع السابع بسبب خلل في الكروموسومات، وتم إنزال الحمل منذ أسبوع تقريبا، غضبت في البداية حين عرفت الخبر وبكيت، لأنها كانت مفاجأة ثم بعد ذلك حمدت الله ودعوته أن ييسر لي الإنزال ويرضني به، لأن بكائي هذا لم يكن اعتراضا مني ولكنه ضعف بشري، والآن أتساءل، هل هذا ابتلاء من الله؟ أم عقاب لأننا منعنا الحمل في البداية؟ أم لأن أمي غضبت في البداية؟.
أرجو إفادتي، وعذرا للإطالة، ونسألكم الدعاء، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الطيبة، ثم اعلمي أختنا الكريمة أن الله تعالى قد خلق الإنسان ليمتحنه ويختبره، كما قال الله تعالى: وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا {هود:7}. وقال سبحانه: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور {الملك:2}.
وهذا الامتحان يكون بالأحكام الشرعية كالأوامر والنواهي، ويكون كذلك بالأحكام القدرية ـ سواء ما نكره منها كالمصائب والشدائد، أو ما نحب كالأموال والأولاد ـ كما قال تعالى: ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون {الأنبياء:35}.
وعلى المؤمن أن يصبر ويرضى بأمرالله تعالى، وأن يبصرالرحمة من خلال البلاء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه. وابن ماجه وحسنه الألباني.
وقد سبق ذكر بعض البشارات لأهل البلاء والمصائب وبيان الأمور المعينة على تجاوزالمصائب، وذلك في الفتويين: 18103، ورقم: 5249.
أما مسألة تأخير الحمل فإن حصل لفترة باتفاق الزوجين لما فيه من مصلحة لهما، فلا حرج عليهما ـ إن شاء الله تعالى ـ كما سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 34107، ورقم: 35423.
وكذلك البكاء على موت الجنين إذا لم يكن معه جزع ولا تسخط ولا اعتراض على قضاء الله، فهو جائز باتفاق العلماء، وراجعي في ذلك الفتويين: 25255، 75948.
وهذا الابتلاء الوارد في السؤال كغيره من ابتلاءات الدنيا، إما أن يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وإما أن يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وإما أن يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وإما أن يكون عقوبة على بعض الذنوب، كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى: 13270.
ولا يعلم حقيقة الأمر على وجه القطع إلا الله تعالى، وينبغي للعبد أن يتهم نفسه ويبادر بالتوبة والاستغفار مما يعلم من ذنوبه ومما لا يعلم، فلربما يكون للعبد ذنب نسيه أوغفل عنه، وأن يسعى لتحقيق الاستقامة بلزوم تقوى الله تعالى، فإن ذلك مما يفرج الهم ويعقب الخير، قال سبحانه: وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله {هود:3}. وقال عز وجل: لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون {النمل: 46}. وقال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا* ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا {الطلاق: 2-3-4}.
وراجعي للأهمية الفتوى: 93791.
والله أعلم.