كيفية توزيع الأراضي التي قامت هيئة الإصلاح الزراعي بمصادرتها

0 348

السؤال

كيف توزع هذه الأرض الزراعية المتنازع عليها: قامت هيئة الإصلاح الزراعي في مصر بتوزيع قطعة أرض زراعية مساحتها فدان وعشرة قراريط واثنا عشر سهما، على المنتفع إبراهيم أحمد باز، عام 1964 م، ثم أصدرت الهيئة المذكورة شهادة توزيع عام 1986م، باسم المنتفع المذكور، وأدرج معه أبناؤه كمنتفعين، وحدد نصيب كل منهم حسب الوحدات على النحو التالي: الأب: إبراهيم أحمد باز (وحدة وربع الوحدة)، الأم: نفيسة أحمد الرفاعي (وحدة كاملة)، الابن الأكبر: السيد إبراهيم أحمد (وحدة كاملة)، الابن الأصغر: عبد العزيز إبراهيم أحمد (ثلاثة أرباع الوحدة)، البنت الصغرى: عزيزة إبراهيم أحمد (ثلاثة أرباع الوحدة)، علما بأن شهادة التوزيع لم تدرج البنت الكبرى: بشرى إبراهيم أحمد ضمن المنتفعين؛ لأنها كانت قد تزوجت وقت توزيع الأرض (لم يتم بحثها)، وبعد وفاة كل من الأب والأم اتفق جميع الورثة على التغاضي عن نظام الوحدات، وتوزيع الأرض توزيعا شرعيا عادلا، بما فيهم البنت الكبرى التي لم تدرج في عقد التوزيع، للذكر مثل حظ الأنثيين، وحصل كل وريث على نصيبه الشرعي، وظل يزرعه طيلة خمس عشرة سنة كاملة، منذ سنة 1989م حتى سنة 2004 م، ثم حدث أن دخلت الأرض برمتها ضمن الحيز العمراني، وشملها كردون المباني، فرأى كل وريث أن يبيع نصيبه في الأرض، ولكن واجهتهم مشكلة؛ فقد كان ثمة محول كهربائي وعدد من أعمدة الضغط العالي على امتداد جزء كبير من الأرض، ولم يخل منها سوى قطعة الابن الأصغر، مما حال دون بيع بقية الأرض التي يمتلكها بقية الورثة، فاتفق الورثة جميعهم على أن تكون الأرض مشاعا، بمعنى أن تباع جزءا جزءا، وكل جزء يوزع ثمنه على سائر الورثة توزيعا شرعيا للذكر مثل حظ الأنثيين، وظل هذا دأب الورثة: يبيعون، ويقسمون ثمن ما يبيعون تقسيما شرعيا، حتى بيع أكثر من نصف الأرض، وهناك عقود مسجلة في الشهر العقاري تثبت ذلك، ولكن نظرا لنشوب خلافات عائلية بين الابن الأكبر وورثة البنت الكبرى التي لم يتضمنها العقد، وذلك بعد وفاتها -فقد أصر الابن الأكبر على توزيع الجزء المتبقي من الأرض- وهو أقل من النصف -بنظام الوحدات، على الجميع، كنوع من تصفية الحسابات بينه وبين أبناء أخته الكبرى، مما أحدث انقساما بين أفراد الأسرة، ثم حدث أن توفي الابن الأكبر، فأصرت زوجته وأولاده، وكذلك أصرت البنت الصغرى على توزيع الجزء المتبقي من الأرض بنظام الوحدات، وتعللوا بأن هذه وصية الابن الأكبر، ويجب احترامها على حين بقي الابن الأصغر وأبناء البنت الكبرى يريدون توزيع الجزء المتبقي من الأرض توزيعا شرعيا، ولكن دون جدوى، واحتدم الخلاف والشجار بين الفريقين، وتقطعت صلات الأرحام، وكادت تزهق الأرواح. فما حكم الشرع في هذه القضية الشائكة؟ وكيف يوزع الجزء المتبقي من الأرض؟ وهل تقع الحرمة على أصحاب الفريق الذي يصر على التزام نظام الوحدات -في هذا الموقف- أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبهك أولا إلى أن الأراضي التي قامت هيئة الإصلاح الزراعي بمصادرتها من ملاكها وتوزيعها ولم تقم الهيئة بدفع ثمنها لملاكها ويرضوا به عوضا عنها، فهذه الأراضي لا تزال مغصوبة وتكون باقية على ملك صاحبها الأول، وإن تعاقبت عليها الأيادي، وتصرفات الغاصبين فيها تصرفات باطلة، ويجب على من آلت إليه هذه الأرض المغصوبة تسليمها لمالكها، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 35109، 38801، 103603.

أما كيفية توزيع هذه الأرض إن كان يجوز الانتفاع بها؟ فالواجب النظر أولا في وجه تمليك هذه الأرض من هيئة الإصلاح الزراعي للأشخاص المذكورين، فإن كان هذا التمليك على سبيل الهبة المجردة، فيجب الالتزام بما حددته الهيئة في هذا الشأن؛ لعموم ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي.

وعلى هذا يختص كل شخص من المذكورين بما وهب له، وإذا اتفق المذكورون على إلغاء القسمة المذكورة وأن تقتسموا بحسب الأنصبة الشرعية فالذي يظهر لنا أن هذا بمثابة الهبة بعضهم لبعض فلا يجوز الرجوع في مثل هذا الاتفاق إذا تحققت شروط نفاذ الهبة من أهلية الواهب، وقبض الموهوب له للهبة، وراجع شروط نفاذ الهبة في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18923، 33868، 58686.

وننبهك إلى أن أمور النزاع لا يصح أن يعتمد فيها على فتوى، وإنما الواجب أن تعرض على المحكمة الشرعية المختصة لأنها هي المؤهلة للتحقيق في النزاعات، والبحث عن خفايا هذه الأمور، وهي التي يمكن أن ترد الحقوق إلى أصحابها، والذي ننصحكم به هو محاولة التراضي في هذا الأمر والحفاظ على صلة الرحم فيما بينكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة