وجوب البعد عما ينقص من جناب الله والحط من شأن رسوله

0 243

السؤال

أفيدوني جزاكم الله عنا كل خيــــر: هناك لغز يتداوله بعض الناس فيما بينهم ويسمى اللغز المحير وهذا اللغز يعجز كل شخص صديقه ويتفاخرون فيما بينهم، وأنا عندما أسمع هذا اللغز أدخل معهم في مفاوضات لأن اللغز مشكوك فيه وإليكم اللغز:
اللغز يقول :الله سبحانه وتعالى لا يعرفه ولا سمع به ولا شافه، والرسول اللهم صلى عليه سمع به ولا شافه
والملوك وكبار الشخصيات إذا شافوه قاموا له ويعظمونه ويكرمونه، وبالنسبه للرجل العادي لا يعنى له أي شيء أو يشوفه بأنه شي عايدي بالنسبة له ؟ حل اللغز هو : الشبيه فيقول الله ليس له لا شبيه ولا مثيل .والرسول اللهم صلى عليه الشبيه له المهدي سمع به وبأن أوصافه نفس أوصاف الرسول ....الخ ولكن لم يره.الملوك وكبار الشخصيات يقال عندما يأتي رئيس دوله أول ما شابه ذلك فإنهم يعظمونه .أما بالنسبه للإنسان البسيط فعندما يرى شخصا آخر مثلا في السوق أو في أي مكان فإنه لا يعني له شيء .
فأنا- والعياذ بالله من كلمة أنا- عندما أسمع بهذا اللغز وأقول لهم لا تقولونه مرة أخرى يدخلون معي في مفاوضات وجدل كبير ويكاد اللغز أن يفرق بيننا.أفيدونا جزاكم الله عنا وعن جميع المسلمين خيرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الله تعالى : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد. {ق:18}. وعن عبد الله بن مسعود أنه ارتقى الصفا فأخذ بلسانه، فقال: يا لسان، قل خيرا تغنم، واسكت عن شر تسلم، من قبل أن تندم، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أكثر خطايا ابن آدم في لسانه. رواه ابن أبي الدنيا في الصمت، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه المنذري، وجود إسناده الألباني .الترغيب والترهيب،  السلسلة الصحيحة.

وقال إبراهيم التيمي رحمه الله: المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر فإن كان كلامه له تكلم، وإن كان عليه أمسك عنه، والفاجر إنما لسانه رسلا رسلا.  الصمت لابن أبي الدنيا.

ومما سبق من نصوص يتبين خطر عدم التفكر في الكلام، واستسهال البعض إلقاء الكلام هكذا بلا تحفظ أو تدبر، والكلام المذكور فيما يسمى باللغز المحير فيه سوء أدب مع الله، وأن غير الله يعلم ما لا يعلمه الله سبحانه، والله عز وجل يقول:  وهو بكل شيء عليم. {البقرة: 29}. ويقول سبحانه: واعلموا أن الله بكل شيء عليم. {البقرة: 231}. ويقول سبحانه: ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم. {المائدة:97}. والآيات في هذا المعنى كثيرة.

والله عز وجل منزه عن أن يكون مثله أحد كما قال سبحانه: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. {الشورى: 11}. ومن أراد أن ينزه الله عما لا يليق به فلا يصح أن يطلق عبارات كهذه فيها سوء أدب مع الله، وانتقاص من علمه، وظاهرها أن هناك أشياء يعلمها الخلق ولا يعلمها الخالق سبحانه، وفي هذا ما فيه مما يجعل إطلاق مثل هذه الألغاز من المحرمات.

ولا يجوز كذلك أن نجعل منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم كغيره فنجعله محلا للألغاز بأسلوب ليس فيه أدب يليق بمقامه الرفيع صلى الله عليه وسلم، ولا أن نخاطبه كما نخاطب غيره فقد قال سبحانه: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ... {النور:63}.

قال قتادة: أمر الله أن يهاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يبجل وأن يعظم وأن يسود.

 وقال زيد بن أسلم: أمرهم الله أن يشرفوه. تفسير القرآن العظيم لابن كثير.

ويجب على من يطلق هذه الألغاز للتعجيز أو إضحاك القوم أو غير ذلك من الأغراض التي يكمل بها ضعاف الشخصية شخصيتهم أن ينتهوا عن ذلك، وأن يتعلموا الأدب مع الله ومع خير خلق الله صلى الله عليه وسلم، وأن ينشغلوا بما يعود عليهم بالخير في دينهم ودنياهم، وإذا أرادوا أن يلغزوا بشيء فهناك أشياء نافعة تنشط الذهن وتفيد النفع والعلم فليلغزوا بها وليبتعدوا عما ينقص من جناب الألوهية والربوبية، أو يحط من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وليتذكروا قوله صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب. رواه البخاري ومسلم. ونأمل مراجعة الفتويين: 2093، 23340.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات