السؤال
ما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية في ليل رمضان؟ وهل يؤثرذلك على الصيام؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد شرع الله صيام رمضان لتتهذب النفوس وتتقي الله عزوجل، كما قال سبحانه: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون{البقرة:183}.
ولا شك أن من يشاهد هذه الأفلام يتأثر صومه وإن كان يشاهدها ليلا، وإن كان مقصودك بتأثر الصوم بطلانه فنقول: لا، لا يبطل الصوم بمشاهدة هذه الأفلام.
وأما إن كان سؤالك: هل تؤثر هذه الأفلام في الصيام بنقص أجره، فنقول لك: ليس المقصود من الصيام هو الجوع والعطش ثم يأتي الليل فيسرح ويمرح الصائم كيفما شاء دون رقيب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. رواه البخاري.
قال ابن حجر في فتح الباري: قال البيضاوي: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش, بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة, فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول.
وهذه الأفلام الإباحية ـ حتى وإن لم تؤثر تأثيرا مباشرا في الصوم ـ فإن فيها من الذنوب الكبيرة ما سيأتي في ميزان العبد فيحبط في مقابلها الكثير من الحسنات، إن لم يتب صاحبها منها، وكذلك فالغالب على من يشاهد هذه الأفلام قلة التقوى مما يجعله يطلق النظر للنساء في نهار رمضان، وقد تشتد شهوته فيقع في بعض المحرمات كالاستمناء وهو مما يبطل الصوم في قول جماهير العلماء، بل قد يجامع زوجته نهارا فيرتكب إثما عظيما مع وجوب الكفارة عليه وعليها إن كانت مطاوعة له، وهكذا فمن شؤم المعصية أنها تجر إلى معصية أخرى.
كما قال ابن القيم في كتابه الداء والدواء في بيان عقوبات المعاصي: ومنها: أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ولا يزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها حتي يرسل الله إليه الشياطين فتأزه إليها أزا. انتهى.
فيجب على من يشاهد هذه الأفلام أن يمتنع عن ذلك في رمضان وغيره، وأن يتوب إلى الله ويستغفره، وهو سبحانه يقبل توبة العبد مهما أسرف على نفسه، بل ويبدل سيئاته حسنات، كما قال سبحانه: إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما* ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا {الفرقان:70-71}.
وقال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم{الزمر: 53}.
وجدير بمن ينصح لنفسه ويخاف عليها أن يترك هذه المحرمات في رمضان وغيره، وأن يكون عنده تعظيم لشعائر الله وتوقير لله عزوجل وحياء من نظره إليه وهو على هذه المعاصي الكبيرة في الليالي الفاضلة والمساجد عامرة بمن يركع ويسجد ويتضرع ويبكي ليكون من عتقاء الله من النار ومن أصحاب الجنة، ثم هو ماذا يفعل؟ يتغذى بنعم الله ويبصر بما وهبه الله من عينين منعهما الكثيرون، ويتقلب في نعم الله الظاهرة والباطنة وبدلا من طاعة ربه يبارزه بالمعاصي في الأيام الفاضلة.
ألا فليشفق هذا المغرور على نفسه من قبل أن يأتيه الموت بغتة ويحال بينه وبين التوبة ثم يلاقي جزاء عمله السيء بعد ذلك.
وليحذر من يرتكب هذه الموبقات من دعاء دعا به جبريل وأمن عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعا عليه هؤلاء فقد خاب وخسر، فعن جابر قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: آمين آمين آمين، قال: أتاني جبريل عليه السلام ، فقال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. الحديث رواه الطبراني في الكبير قال الهيثمى في مجمع الزوائد ـ8/139ـ رواه الطبرانى بأسانيد وأحدها حسن، وصححه الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 12087، ففيها بيان ما يترتب على مشاهدة الأفلام الإباحية في نهار رمضان، والفتوى رقم: 110183، وهي بعنوان: هل يبطل الصوم بالنظر إلى المشاهد الجنسية في نهار رمضان؟.
والله أعلم.