السؤال
بلادنا تعتمد في بداية شهر رمضان على الحسابات الفلكية وقد أجمع علماء الدين على عدم جواز الاعتماد على تلك الحسابات، وكغيري صمنا وأفطرنا على تلك الحسابات ـ وحسب الرؤيا ـ فقد صمنا 28 يوما، فهل علينا قضاء؟ وهل نحن آثمون في ذلك؟ كما أن هناك أناسا مقيمين صاموا وأفطروا مع دول العالم الإسلامي الأخرى، فهل ما فعلوه صحيح؟ وهل يجوز الصوم والإفطار مع دولة غيرالتي تقيم فيها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن تحديد بداية الشهر ونهايته بناء على الحساب الفلكي خلاف الإجماع؛ كما نص على ذلك أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أوالعدة أوالإيلاء أوغير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبرالحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز، والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا ولا خلاف حديث، إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا، وهذا القول ـ وإن كان مقيدا بالإغمام ومختصا بالحاسب ـ فهو شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم.هـ.
والذي جاء به الشرع هو تحديد بداية الشهر برؤية الهلال أو بإتمام شعبان عند عدم رؤيته في الصحو أوعند الغيم, لقوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملواعدة شعبان ثلاثين. رواه البخاري.
فإذا كانت الدولة عندكم تبني شهرها على الحساب الفلكي فلا تتابع في هذا, لأن الطاعة إنما تكون في المعروف, ويلزم الناس حينئذ أن يتحروا الهلال بأنفسهم، فإن رأوه صاموا وإن لم يروه في الصحو أو بسبب الغيم أتموا عدة شعبان ثلاثين، فإن تعذرعليهم تحري الهلال لمنع الدولة لهم أو نحو ذلك من الأسباب صاموا وأفطروا مع أقرب بلاد الإسلام إليهم ممن يتحرى الهلال, وإذا ثبت أن صيامكم هذه السنة كان ثمانية وعشرين يوما بناء على تحري الهلال فيلزمكم قضاء ما أفطرتموه من الشهر، فإن كان الشهرـ بناء على ما جاء به الشرع ـ ثلاثين يوما لزم الناس قضاء يومين, وإن كان الشهر ناقصا لزمهم قضاء يوم, ومن أفطر وصام بناء على الحساب الفلكي تبعا وهو جاهل بالحكم الشرعي فنرجو أن لا إثم عليه ولا يسقط عنه, ومن كان عالما بالحكم الشرعي فهو آثم وتلزمه التوبة إلى الله تعالى, وينبغي لأهل العلم أن يقوموا بما أخذه الله عليهم من ميثاق بيان الحق وعدم كتمانه فهم الأسوة والقدوة التي يقتدي بها الناس، ونسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويهدي ولاة أمورالمسلمين إلى الحق والعمل به، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 126768 .
والله أعلم.