السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 22 عاما، وأنا فقير ماديا، مشكلتي هي أني أريد أن أتزوج، ولكن ليس لدي أموال للزواج، وأعرف نصيحة الحبيب صلى الله عليه وسلم التي هى ما معناها: ومن لم يستطع فعليه بالصوم. ولكني حتى وإن صمت لا أستطيع السيطرة على نفسي، سواء فى فعل العادة السرية، والتي تجسد حاجاتي الجنسية، أو الجلوس أمام الشات وعمل محادثات مع الفتيات، وفى بعض الأوقات إقناعهن بالحب والرومانسية وما إلى ذلك، وهذا ما يجسد حاجتي أيضا إلى هذا وإلى الاهتمام، بكل صراحه تعبت كثيرا من كل هذا، وكل يوم أتوب ثم أرجع مرة أخرى، بل إنه في بعض الأحيان أتوب أكثر من مرة فى اليوم.. أخاف من معصية الله ويضيق صدري منها، وأريد الزواج ولا أستطيع، لقد سئمت كل هذا، وفى وقت فكرت والعياذ بالله في الانتحار لأني حتى العمل لا أجده، والأعمال التي أجدها بمرتبات لا تكفيني أنا شخصيا. بالله عليكم ساعدوني بارك الله فيكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أيها السائل أن المعاصي والذنوب من أعظم أسباب تعسير الأمور وضيق الأرزاق وكدر العيش وتنغيص الحياة وحرج الصدر وكثرة الهموم والغموم، وعموما فهي سبب كل بلاء وضيق وحرمان، قال سبحانه: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى .{طه:124}.
يقول ابن القيم رحمه الله في كتاب الجواب الكافي: ومن عقوبات المعاصي تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا، فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا. انتهى بتصرف يسير.
فالواجب عليك أن تبادر بالتوبة الصادقة إلى الله سبحانه، وأن تجاهد نفسك للثبات على طريق التوبة، ثم الزم الصيام والعفة حتى ييسر الله لك من فضله، فقد قال تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله.. {النور:33}. وفي الحديث المتفق عليه: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.
قال النووي: والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المنى كما يفعله الوجاء. انتهى.
وجاء في فتح الباري: لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوته وتضعف بضعفه. انتهى.
واعلم أن الصوم المقصود في الحديث إنما هو الصوم المتكرر الكثير، أما مجرد صوم يوم أو يومين فلا يفيد صاحبه.
جاء في فتح الباري: واستشكل بأن الصوم يزيد في تهييج الحرارة وذلك مما يثير الشهوة، لكن ذلك إنما يقع في مبدأ الأمر، فإذا تمادى عليه واعتاده سكن ذلك. انتهى.
وننصحك بالإكثار من الصلاة وذكر الله فإنهما حرز للمرء أيما حرز من مقارفة الفواحش والمنكرات، قال سبحانه: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر . {العنكبوت:45}.
جاء في تفسير البغوي: وقال عطاء في قوله: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر.. قال: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. انتهى.
وجاء في الحديث أن يحيى بن زكريا قال لبني إسرائيل: وآمركم بذكر الله كثيرا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني. وراجع الفتوى رقم: 6995. فإن بها نصائح لمن غلبته شهوته.. وراجع أضرار العادة السرية في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 7170، 23868، 2283، 24126. وراجع حرمة هذه المحادثات والعلاقات مع الأجنبيات في الفتوى رقم: 21582. وراجع حرمة الانتحار في الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.