السؤال
قمت بإجهاض جنين عمره 60 يوما، ناتج عن الزنا، وتبت إلى الله الذي سترني، وتزوجت وزوجي لا يعلم بهذا، وأريد أن أدفع الدية وأصوم شهرين، ولكنني أخاف أن يعلم زوجي إذا بدأت الصيام، فماذا أفعل؟ وما هي الدية التي تجب علي؟ مع العلم أنه ليس لدي مال، فماذا أفعل لكي أزيل هذا الذنب عن كاهلي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليك ـ بعد التوبة إلى الله سبحانه مما كان منك من هاتين الكبيرتين العظيميتن ـ أعني: الزنا والإجهاض ـ أن تكثري من الأعمال الصالحة المكفرة، فقد قال الله سبحانه
: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين {هود:114}.
وفي صحيح الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اتق الله ـ حيثما كنت ـ وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. حسنه الألباني.
ثم اعلمي أن دية إجهاض الجنين هي غرة عبد أو أمة ـ وأنها تجب عند بعض أهل العلم إذا أكمل الجنين أربعين يوما، وذهب آخرون إلى عدم وجوبها إلا إذا تبين في السقط شيء من خلق الآدمي. وقد قال الفقهاء إن قيمة هذه الغرة ـ إن لم توجد ـ هي عشر دية الأم، وعشر ديتها: خمس من الإبل، أو خمسون دينارا من الذهب أوخمسمائة درهم، تجب على المباشر له، وتقسم على ورثته الذين لم يشاركوا في إسقاطه، وقد بينا ذلك كله بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقمها: 9332، 28629، 34073.
فما دمت لا تجدين مالا لدفع الدية، فإنها تظل دينا في ذمتك إلى أن يرزقك الله من فضله وتجدين المال أو يتنازل عنها أصحابها، هذا عن الدية، أما بخصوص الكفارة فهي: عتق رقبة مؤمنة، ولكن نظرا لتعذر الرق في هذا الزمان، فينتقل حينئذ لصيام شهرين متتابعين. والكفارة في حالة إسقاط الجنين مما اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال بالوجوب قياسا على قتل النفس، ولأنها إنما تجب حقا لله تعالى لا لحق الآدمي، وهو قول الشافعية والحنابلة.
ومنهم من قال إنها مندوبة، وليست واجبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض إلا بالغرة في قضائه المتقدم، وهو قول الحنفية والمالكية، والصيام أولى خروجا من الخلاف، ولا حرج عليك ـ لا سيما إذا شق الأمر عليك ـ أن تأخذي بمذهب القائلين بعدم وجوب الكفارة. وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 13171.
فإذا أقدمت على الصيام فلا مانع من أن توري على زوجك حتى يفهم أن هذا الصيام من باب التطوع والنافلة، وكيفية التورية هي أن تقولي له قولا ظاهره يفيد خلاف المقصود منه، كأن تقولي له إنك في السابق كنت مقصرة في الطاعة وتريدين أن تفعلي شيئا من العبادة تتداركين به ذلك، وإن استطعت أن تخفي عنه الصيام أصلا في بعض الأيام فافعلي, ولا داعي إلى أن تعلميه بأن عدد الأيام ستون يوما، ويمكنك أن تصومي بعدها بعض الأيام بنية التطوع حتى لا يفطن لعددها فيدخله من ذلك ريبة أو يساوره شك.
والله أعلم.