السؤال
ذهبت العام الماضي إلى الحج وفي طريقنا إلى مزدلفة كان هناك سائق سعودي لن يتسع المجال للذكر كم عذبنا ولكن يكفي أن أقول إنه عاملنا أسوأ من البهائم وعندما اشتكيت عليه أمام أحد رجال الشرطة وعرفوا أنه سعودي الجنسية قالوا لي أفعل ما يريد منك وحاولت معه بكل الوسائل وكان معنا امرأة حامل أجهضت بسبب ما فعله بنا وفي النهاية لم أتمالك أعصابي فسببته وندمت ندما شديدا ليس لأنه لا يستحق ولكن لأننا في الحج وأقسمت على أن لا أسامحه أبدا فهل ما قلته له أذهب حجتي لأن ذلك محرم ذلك؟ أرجو الإجابة. والسلام عليكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعله معكم السائق المذكور من سوء المعاملة، إن كنت تقصد به التأخر في السير، أو الوقوف في الطريق كثيرا، فإن هذا مما لا يد له فيه، لأن السير في هذه الليلة يكون عادة صعبا لكثرة الزحام.
وإن كنت تقصد به أن السائق اعتدى عليكم بالشتم أو السب، أو أنه أخركم بدون سبب، فإنه يكون بذلك قد أخطأ خطأ كبيرا، حيث أهمل في عمله، ولم يرع حق الله في أبناء السبيل، وحجاج بيت الله تعالى.
ولكن كان يجب عليك أن تتمالك نفسك، وأن تضبطها بالحلم والعفو، فالله تعالى يقول في صفات أولي الألباب: (ويدرأون بالحسنة السيئة) [الرعد:22].
ويقول: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون) [المؤمنون:96]. هذا على وجه العموم.
أما بالنسبة لك وأنت حاج إلى بيت الله تعالى، فكان ينبغي عليك زيادة على ما سبق أن تصبر لتحصل الأجر الكامل للحج، فالله تعالى يقول: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) [البقرة:197].
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "من حج فلم يرفث، ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
فالآية تدل على النهي عن الرفث والفسوق والجدال في الحج، والحديث يدل على أن من ترك ذلك رجع بكامل الثواب والأجر، وعلى كل، فإن حجك صحيح والحممد لله، ولكن عليك أن تتوب إلى الله تعالى مما بدر منك، لأنه سبب لنقصان الأجر، ولعل التوبة تعوض لك ما فاتك، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.