السؤال
مشكلتي ـ حفظكم الله ـ هي: أنني كنت مرة أغتسل من الجنابة وعند وصولي إلى أذني وجدت أن فيها حبيبات من مادة بيضاء فغسلتها ومسحتها بشكل سريع، لكن عادتي في الغسل أن أغسلها أو أمسحها بشكل أكبر من هذا وسؤالي هو: هل يحب أن أعيد هذا الغسل والصلوات التي بعده؟ علما بأنني لا أعلم كم عدد الصلوات، هل هو أسبوع أو شهر أو شهران؟ بسبب أنني أشك في وصول الماء إلى جميع الأذن.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ظهر لنا من سؤالك أن هذا الشك إنما عرض لك بعد الفراغ من الغسل، ولذلك فلا تلتفت إليه فإن الشك بعد الفراغ من العبادة لا أثر له، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 115623، واعلم أنه لا يجب في الغسل حصول اليقين بتعميم البدن بالماء، وإنما يكفي غلبة الظن، فإذا كان الغالب على ظنك في أثناء الغسل أنك عممت بدنك بالماء فغسلك صحيح ولا إعادة عليك، قال في إعانة الطالبين: ولا يجب تيقن عموم الماء جميع العضو، بل يكفي غلبة الظن به.
وأما إذا كنت شككت في تطهير هذا الجزء من الأذن في أثناء الغسل ولم تكن مبتلى بكثرة الشكوك فقد كان يجب عليك تطهيره حتى يحصل لك اليقين أو غلبة الظن بوصول الماء إليه، قال في إعانة الطالبين: فرع: لو شك المتوضئ أو المغتسل في تطهير عضو قبل الفراغ من وضوئه أو غسله طهره وكذا ما بعده. انتهى.
ثم إذا كان المشكوك في تركه شيئا يسيرا فعند الجمهور أن الغسل لا يصح مع تركه، وعند شيخ الإسلام أنه يعفى عن الشيء اليسير من ذلك فلا يؤثر على صحة الطهارة، فاختياره ـ رحمه الله ـ أن ما كان يسيرا مما يحول دون وصول الماء إلى البشرة كأثر العجين ونحوه فإنه يعفى عنه، كما أوضحنا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 124350، وقد كان يكفيك أن تغسل ذلك الموضع الذي شككت في تركه مع النية فحسب ولم تكن تلزمك إعادة الغسل، لأن الموالاة في الغسل سنة لا واجب، قال الحجاوي في الإقناع: وإن فاتت الموالاة جدد لإتمامه نية وجوبا.
وعلى مذهب الجمهور فإنه يلزمك أن تعيد من الصلوات ما صليته قبل إعادة غسل الععضو المشكوك في غسله مرة أخرى بنية رفع الحدث، فإن صلاتك وقعت غير صحيحة، لعدم صحة طهارتك على فرض أنك فرغت من الغسل شاكا في وصول الماء إلى جميع بدنك، فإن لم تعلم عدد تلك الصلوات بيقين فإنك تتحرى فتقضي من الصلوات ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك، لأن هذا هو ما تقدر عليه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.