السؤال
أنا رجل تجاوزت الأربعين ملتزم بشكل لا بأس به ومتزوج منذ 17عاما ولي ثلاثة أولاد، أعاني من غيرة مدمرة وشكوك مسيطرة وأحلام مزعجة في علاقتي بزوجتي التي ظاهرها طيب ـ والحمد لله ـ إلا أنه تسيطر علي الشكوك والوساوس وقد طلقتها مرتين والحياة بيننا جحيم يومي وأنا أريد الفراق النهائي، لأنني لاأستطيع معاشرتها وأجد أن هذا هو الحل الأنسب، لأن قدراتي الجسدية والذهنية تنهار، وهي ترفض الأمر بشدة، وقد لجأت إلى الرقية الشرعية، أرجو منكم الدعاء وأسالكم: هل علي أثم إذا طلقتها طلاقا نهائيا لاعتبار حالتي الموضحة آنفا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه لك العافية والشفاء وأن يصلح لك الحال والبال ويصرف عنكم كيد الشيطان.
وإنا لننصحك ـ أيها السائل ـ بالتوبة إلى الله سبحانه واستغفاره من الذنوب التي لها دور كبير في ذهاب الآمال وحلول النقم والوبال, وقد قال أحد السلف: إن الصالحين إذا فقدوا آمالهم تفقدوا أعمالهم.
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتاب الجواب الكافي: ومنها: عقوبات المعاصي: وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله جل وعلا, ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة وهذا أمر لايحس به إلا من في قلبه حياة وما لجرح بميت إيلام, وليس على القلب أمر من وحشة الذنب على الذنب ـ فالله المستعان. ومنها: الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس ولاسيما أهل الخير منهم، فإنه يجد وحشة بينه وبينهم وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالستهم وحرم بركة الانتفاع بهم وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن, وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشا من نفسه, وقال بعض السلف: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وإمرأتي.
ومنها: تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا، فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا. انتهى بتصرف.
ثم عليك بالمداومة على ذكر الله سبحانه، فإن الذكر له أثر عجيب في سكينة النفس وطمأنينة القلب، قال سبحانه: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب {الرعد:28}.
وفي مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا.
أما عن الطلاق: فإن الأصل فيه الإباحة، لكنك بالطلاق تدمر أسرتك وتلحق مصيبة عظيمة بنفسك وبزوجتك وأولادك، وأولى لك الصبر وطلب العلاج لما أنت فيه من الوسواس والشكوك، فلا تتعجل أمر الطلاق وأكثر من الدعاء والإلحاح على الله سبحانه أن يصرف عنك الهموم والغموم ويكفيك شرور نفسك وسيئات عملك. وننصحك بمراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.