السؤال
أنا شاب عمري ٢٧ مجتهد والحمد لله في القيام بواجباتي الدينية، ومتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. سؤالي يتمثل في أني كنت أعاني منذ طفولتي من جفاف وحساسية في البشرة حيث لم أكن قادرا على تحمل أشعة الشمس الحارقة التي تتسبب لي في ظهور بقع سوداء.. كما لم أكن قادرا كذلك على تحمل شدة البرد ... ذهبت إلى طبيب مختص فوصف لي بعض الكريمات والدهون، وقال لي إن حالتي مرتبطة بالعمر، وإني حين أتجاوز ٢٠ سنة سأتخلص من المشاكل الجلدية ... استعملت يوميا ما وصف لي الطبيب فتخلصت والحمد لله من المشاكل الجلدية...غير أنه وبمرور الزمن تعودت على هذه الدهون وصرت أخاف أن تعود المشاكل الجلدية بمجرد عدم استعمالها.
لكن المشكل النفسي الأكبر هو إحساسي بأن هذه الدهون لا تليق برجل متدين..كما أن بعض أصحابي قالوا لي إن استعمال تلك الدهون فيه والعياذ بالله تشبه بالنساء، وإنه يفسد العبادة، وإن الأصل في الرجل أن يتحمل قساوة الطبيعة حتى إن أثرت سلبا على بشرته.
أجيبوني جزاكم الله خيرا حتى أرتاح نفسيا مع العلم أني مستعد أن أنقطع عن أي شيء فيه إثم أو عصيان لأوامر الله ورسوله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالدهون والكريمات منها ما هو خاص بالنساء يستعمل للتزين والتجمل للنساء خاصة فهذا لا يليق برجل استعماله، وإن استعمله دخل في باب التشبه بالنساء، وقد ورد النهي الشديد عن تشبه الرجل بالمرأة وتشبه المرأة بالرجل فيما يختص بكل واحد منهما مما ورد به الشرع، أو جرى به عرف غير مخالف للشرع، ومن أدلة تحريم هذا التشبه: ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.
قال ابن حجر في فتح الباري: قال الطبري: المعنى: لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس انتهى.
ومن هذه الدهون والكريمات ما لا يختص بالنساء كالعلاجات وما هو من قبيل التداوي، وما يحسن البشرة ويرطبها، فهذا لا حرج على الرجل في استعماله إذا كان من المواد الطاهرة، ولا يترتب عليه ضرر؛ فالأصل في هذه الأشياء الإباحة.
والتدواي والتجمل أمران مطلوبان شرعا، والادهان وترطيب البشرة داخلان في ذلك.
وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي والدارمي وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلوا الزيت وادهنوا بالزيت فإنه من شجرة مباركة.
والمقصود بالزيت هنا: زيت الزيتون، وقال المناوي في فيض القدير: (وادهنوا) أي اطلوا به بدنكم بشرا وشعرا. انتهى.
وعليه، فلا يحرم استعمالك لهذه الدهون بالشروط التي تقدم ذكرها، ولا يعد هذا من قبيل التشبه بالنساء .
وأما عن أثر هذه الكريمات أو الدهون على العبادة فلا يصح أن يقال هكذا بإطلاق أنها تفسد العبادة، بل في هذه المسألة تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 1726، فراجعها.
هذا وينبغي التفريق بين الترفه الخارج عن حد الاعتدال وبين استعمال ما يصلح البشرة ويقوي البدن، ويظهر المسلم بالمظهر الحسن بلا مبالغة، وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 27609.
والله أعلم.