السؤال
أواجه شبهة في منتهى الخطورة وهى أنني أشك في أن الله هو خالق هذا الكون و أن إلها آخر غيره هو الذي خلقه. فأرجوكم أفتوني بالدليل الذي يبطل هذه الشبهة و يبعدها عن نفسي تماما ؟
أواجه شبهة في منتهى الخطورة وهى أنني أشك في أن الله هو خالق هذا الكون و أن إلها آخر غيره هو الذي خلقه. فأرجوكم أفتوني بالدليل الذي يبطل هذه الشبهة و يبعدها عن نفسي تماما ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي قلبك وأن يلهمك رشدك، وهذا الشك الذي يدور بعقلك هو من وساوس الشيطان، فالمشركون الذين بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يعتقدون أن الله هو الخالق لهم وللكون ولكل شيء وإنما كان شركهم في صرف أنواع من العبادة لغير الله لتقربهم إلى الله، فكيف بك وأنت تنتمي إلى الإسلام ونشأت على الإسلام ؟! وقد ذكر الله سبحانه هذا في كتابه في مواضع كثيرة منها: قوله تعالى: ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون. {العنكبوت:61}. وقال تعالى: ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون. {العنكبوت:63}. وقال تعالى: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون. {الزخرف:87}.
ثم هناك سؤال لابد منه وقد سأله الله مستنكرا على من لم يشكر نعمة الله عليه ولم يوحده سبحانه، فقال عز وجل: يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون. {فاطر:3}. فمن شك في أن الله سبحانه هو الخالق، فما جوابه على هذا السؤال؟ وما هي صفة هذا الخالق المزعوم من دون الله عز وجل؟! هل له رسائل إلى خلقه ليعرفهم بنفسه أم خلق الخلق وتوارى واعتزل؟
ثم لماذا الشك هل هناك أي شبهة عقلية ولو من بعيد على وجود إله آخر خالق لهذا الكون غير الله، ما هو برهان ودليل من يدعي ذلك، قال تعالى: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين * بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون * وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون * أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون * لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون * لا يسأل عما يفعل وهم يسألون * أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون. {الأنبياء:16-24}.
فالمعنى: لو كان فيهما آلهة موصوفة بأنها غير الله لفسدتا، فامتنع أن يكون هناك شريك. يقول الله تعالى: قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا .{الإسراء: 42}.
الحق - سبحانه وتعالى - يعطينا القسمة العقلية في القرآن: فلنفرض جدلا أن هناك آلهة أخرى: قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا.. {الإسراء: 42} أي: لو حدث هذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا. {الإسراء: 42}.
السبيل: الطريق، أي طلبوا طريقا إلى ذي العرش أي: إلى الله، لماذا؟ إما ليجادلوه ويصاولوه، كيف أنه أخذ الألوهية من خلف ظهورهم، وإما ليتقربوا إليه ويأخذوا ألوهية من باطنه، وقوة في ظل قوته، كما أعطى الله تعالى قوة فاعلة للنار مثلا من باطن قوته تعالى، فالنار لا تعمل من نفسها، ولكن الفاعل الحقيقي هو الذي خلق النار، بدليل أنه لو أراد سبحانه لسلبها هذه القدرة، كما جاء في قول الحق سبحانه وتعالى: قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .{الأنبياء: 69}.
وقوله: ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إلـه إذا لذهب كل إلـه بما خلق ولعلا بعضهم على بعض... {المؤمنون: 91} وهذه الآية الكريمة وأمثالها تثبت أنه سبحانه موجود وواحد.
لكن، لماذا تفسد السماء والأرض إن كان فيهما آلهة غير الله؟
قالوا: لأنك في هذه المسألة أمام أمرين: إما أن تكون هذه الآلهة مستوية في صفات الكمال، أو واحد له صفات الكمال والآخر له صفة نقص. فإن كان لهم صفات الكمال، اتفقوا على خلق الأشياء أم اختلفوا؟
إن كانوا متفقين على خلق شيء، فهذا تكرار لا مبرر له، فواحد سيخلق، والآخر لا عمل له، ولا يجتمع مؤثران على أثر واحد.
فإن اختلفوا على الخلق: يقول أحدهم: هذه لي. ويقول الآخر: هذه لي، فقد علا بعضهم على بعض.
أما إن كان لأحدهم صفة الكمال، وللآخر صفة النقص، فصاحب النقص لا يصح أن يكون إلها. وهكذا الحق - سبحانه وتعالى - يصرف لنا الأمثال ويوضحها ليجلي هذه الحقيقة بالعقل وبالنقل: لا إله إلا الله، واتخاذ آلهة معه سبحانه أمر باطل. انتهى من تفسير الشيخ الشعراوي.
فاستعذ بالله أيها الأخ الكريم، وتذكر قول الرسل لأقوامهم : قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. {إبراهيم: 10}. وخير وسيلة لمقاومة هذه الشبهات هي اللجوء إلى الله أن يهدي قلبك ويثبته على الإيمان، والإكثار من قول لا إله إلا الله مخلصا من قلبك لتذوق حلاوة الإيمان ويندفع عنك الشيطان، وعليك بالصحبة الصالحة المؤمنة وعليك بالعلم والقراءة ففي العلم أعظم علاج لتبديد ظلام الشبهات وتثبيت حقائق الإيمان وسوف نحيلك على بعض المراجع والفتاوى لتزداد علما، ومن ذلك:
كتاب مختصر معارج القبول للشيخ هشام عقدة، من أول: إثبات ذاته تعالى (البراهين على وجود الله عز وجل) وما بعدها من صفحات.
كتاب: للكون إله، قراءة في كتابي الله المنظور والمسطور، تأليف: د. صبري الدمرداش.
كتاب: "الفيزياء ووجود الخالق " للدكتور جعفر شيخ إدريس.
كتب الشيخ عبد المجيد الزنداني ومنها: "إنه الحق ، كتاب التوحيد ، توحيد الخالق، البينة العلمية في القرآن، بينات الرسالة، رسائل تثبيت الإيمان- طريق الإيمان (1)، رسائل تثبيت الإيمان - طريق الإيمان (2) علم الإيمان ".
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 52377، 22081، 39560، 53031، 122213.
ونسأل الله أن يهديك ويثبت قلبك على الإيمان.
والله أعلم.