السؤال
سؤال: كنت في خلاف مع زوجتي التي تركت البيت لمدة عشرة أشهر متتالية، فعزمت على الصلح عدة مرات مع أهلي ورجال كبار، ولكن سوء أدبها وخاصة والدها الذي أراد إخفاء سوء أدب ابنته التي كانت تعيش معي في بيت يجمعني مع أهلي ومع ذلك أردت الصلح، وبعد مضي أربعة وأربعين يوما من وضع الحمل أخذت إماما مقربا لأهلها وأفراد عائلتي لبيت أهلها ولما شرع الإمام في الحديث مع والدها أساء إلي وإلى والدتي وكلامه لم يكن من أجل أن يصلح بيننا، بل يحض على الطلاق ولم يمكنا من نطق أي كلمة فأهانني ومال إلى أهلها باعتباره مقربا منهم مما أثار غضبي مما جعلني أقول لزوجتي: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق ـ أي ثلات مرات ـ وقمت ذاهبا إلى بيتي، ولما ولجته ندمت على ما قلت، فما حكم الشرع في هذا؟ علما أن الزوجة نادمة وتود الرجوع.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنك لم تبين سبب الخلاف بينك وبين زوجتك، فإن كان السبب أنها تريد سكنا مستقلا عن أهلك، فإن ذلك من حقها، وبالتالي فإنك تكون أنت المخطئ إذا لم توفر لها ذلك، وأما إذا لم يكن لها عذر في الخروج ورفضت الرجوع إلى بيتك فهي آثمة وتعتبر ناشزا ولا نفقة لها حتى تعود لطاعتك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 117012.
وإن كان الأمر كما ذكرت فقد أخطأ أهل زوجتك برفضهم الصلح وإعانتهم لزوجتك على نشوزها، كما يعتبر من وصفته بالإمام مخطئا بإساءته إليك وإلى عائلتك وتعصبه لأقاربه وكان الأجدر به أن يسعى في السبب الذي أحضرته من أجله وهو الصلح بينكما، وبخصوص الطلاق الذي تلفظت به فالمرجع فيه إلى نيتك وقصدك، فإن قصدت التأكيد بمعنى إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعلت ما بعدها تأكيدا لزمتك طلقة واحدة، وإن قصدت إنشاء الطلاق بالعبارات الثلاث أو لم تقصد شيئا لزمتك ثلاث، قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: فإذا قال لها: أنت طالق وكرره وقع العدد، فإن كرره مرتين وقع طلقتين، وإن كرره ثلاثا فثلاث طلقات، واعلم أن هذه المسألة تارة يكرر الجملة كلها، وتارة يكرر الخبر وحده، فإن كرر الجملة، أنت طالق، أنت طالق، يقع العدد، وإن كرر الخبر فقط، فقال: أنت طالق، طالق، طالق، فإنه واحدة، ما لم ينو أكثر حتى على المذهب، وكثير من طلبة العلم يغلطون في هذه المسألة، يظنون أن تكرار الخبر كتكرار الجملة، وليس كذلك، فإذا قال: أنت طالق طالق طالق، فإنه يقع على المذهب واحدة، ما لم ينو أكثر، فإن نوى أكثر فالأعمال بالنيات، إذا فالتكرار له وجهان:
الأول: أن يكون تكرار جملة، فيقع الطلاق بعدد التكرار.
الثاني: أن يكون تكرار خبر فقط، فيقع واحدة ما لم ينو أكثر، فإن نوى أكثر وقع حسب التكرار، إلى أن قال: فإذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، يقع ثلاثا، لكن لو قال: أردت التوكيد نقبل منه، ويقع واحدة، لأن التوكيد هنا يصح فاللفظ واحد ومتصل. انتهى.
وفي حال وقوع طلقة واحدة فقط فلك مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها إذا لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث وعدتها تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق أو مضي ثلاثة أشهر أو وضع حملها ـ إن كانت حاملا ـ وما تحصل به الرجعة، قد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 30719.
وفي حال لزوم ثلاث طلقات فقد حرمت عليك ولا تحل حتى تنكح زوجا غيرك ـ نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 128023.
إلا أنه إن كان غضبك شديدا وقت التلفظ بالطلاق بحيث كنت لا تعي ما تقول فلا شيء عليك لارتفاع التكليف حينئذ، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 35727.
والله أعلم.