السؤال
إن من شروط بيع السلم قبض الثمن عند التعاقد:
1ـ فهل يجوز أن يتم تسليم المبلغ كاملا إلى وسيط عند العقد ولا يتم تسليم المبلغ للبائع إلا عند استلام المشتري للبضاعة، علما بأن عملية الوساطة تتم مقابل نسبة مئوية؟.
2ـ وهل يجوز قبض جزء من الثمن عند العقد والباقي من المبلغ عند تسليم البضاعة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا في الفتويين رقم: 113680، ورقم: 356650، التعريف بعقد السلم وذكر أحكامه وشروطه، ومن أهمها: تسليم رأس المال للمسلم إليه في مجلس العقد، قال ابن قدامه في الكافي: ضمن شروط صحة السلم: أن يقبض رأس ماله ـ السلم ـ في مجلس العقد قبل تفرقهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أسلف فليسلف في كيل معلوم. والإسلاف التقديم. ولأنه إنما سمي سلما وسلفا، لما فيه من تقديم رأس المال، فإذا تأخر لم يكن سلما فلم يصح، ولأنه يصير بيع دين بدين، فإن تفرقا قبل قبضه بطل فيما لم يقبض، وفي المقبوض وجهان بناء على تفريق الصفقة. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية: الحنفية والشافعية والحنابلة على أنه يشترط رأس مال السلم في مجلس العقد، إذ لو تأخر لكان في معنى بيع الكالئ بالكالئ، ولأن السلم عقد غرر فلا يضم إليه غرر آخر ، ولأن السلم مشتق من استلام رأس المال: أي تعجيله، وأسماء العقود المشتقة من المعاني لا بد فيها من تحقق تلك المعاني. انتهى.
وجاء فيها ـ أيضا ـ عن ما إذا عجل المسلم بعض رأس المال في المجلس وأجل البعض الآخر، ما نصه: اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
أحدهما: للحنفية والشافعية والحنابلة: وهو أنه يبطل السلم فيما لم يقبض، ويسقطه بحصته من المسلم فيه ويصح في الباقي بقسطه.
والثاني للمالكية وابن أبي ليلى: وهو أنه يبطل السلم في الصفقة كلها. انتهى.
والخلاصة أن السلم لا يصح إذا لم يتم تسليم رأس ماله في مجلس العقد، فإذا تم ذلك في بعض رأس المال فلا يصح إلا في حصة ما قبض من رأس المال في مجلس العقد.
وكذلك تسليم رأس المال لوسيط عند العقد بحيث لا يتم تسليمه للبائع إلا عند استلام المشتري للبضاعة لا أثر له، ولا يعتبر قبضا، لأن البائع في هذه الحال لم يتملك الثمن، ولم يدخل في ضمانه، بخلاف ما لو وكل البائع من يقبض له رأس مال السلم، بحيث يملك بعد ذلك التصرف فيه، فقد اختلف الفقهاء في ولاية الوكيل بالبيع في أن يقبض الثمن من المشتري ويسلم المبيع إليه، والجمهور على صحتها، وتفصيل ذلك على ما جاء في الموسوعة الفقهية: أن الحنفية على أن للوكيل بالبيع لا يفعل ذلك.
والشافعية ـ في الأصح عندهم ـ أنه إذ كان القبض شرطا لصحة العقد كالصرف والسلم، فللوكيل عندئذ ولاية القبض والإقباض، أما إذا لم يكن شرطا ـ كما في المبيع ـ أو كان الثمن مؤجلا، فليس للوكيل شيء من ذلك.
والحنابلة أن للوكيل بالبيع تسليم المبيع بخلاف قبض الثمن، فليس للوكيل أن يقبضه. انتهى.
والله أعلم.