موقف الطالب من أساتذته إذا كانوا من الماتريدية

0 343

السؤال

لدي صديق تربى في جنوب إفريقيا عند علماء ماتريدية من ديوبند في الهند، وقد تعلم على أيديهم القرآن والحديث وحب الرسول صلى الله عليه وسلم واتباع الصحابة وغير ذلك، حيث إن عمره 26 سنة وقد أمضى حياته بين أظهرهم، وعندما جاء هنا إلى كندا حصلت له مواقف فسألني عن الفرق وأخبارها فأخبرته ولم يكن يعلم عن الأشاعرة أو الماتريدية أو غيرها من الفرق الفلسفية شيئا، وعندما علم أقوال العلماء في الأشاعرة والماتريدية وأنها من الفرق النارية، ومن ثم تأكد أن الذين درس عندهم كانوا ماتريدية، حيث اتصل بهم وسألهم حزن أشد الحزن وصدم أشد الصدمة، حيث إن هؤلاء الذين علموه كل ما يعرف من الدين والقرآن وحب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم الصحابة والسلف هم من أهل النار، والسؤال هو: هل أخطأت في تعليم هذا الرجل عن الأشاعرة والماتريدية؟ وهل إذا رجع لبلده يدرس عند هؤلاء ويحترمهم ويعاملهم معاملة العلماء؟ علما أنهم لا يدعون لبدعتهم أبدا، وإنما يجيبون عندما يسألون، والدليل أنه درس عندهم طول حياته ولم يعلموه ـ لا التأويل ولا التفويض ولا تعطيل الصفات ولا الفلسفات ولا غير ذلك من البدع ولا العقائد الباطلة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أهل السنة ـ كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع من كلامه ـ يعلمون الحق ويرحمون الخلق، والأشاعرة أتباع أبي الحسن الأشعري، والمتريدية أتباع أبي منصور الماتريدي، ليسوا من أهل الفلسفة ولكنهم من أهل الكلام وهم أقرب فرق المتكلمين إلى مذهب السلف، وإن كانت عندهم جملة من الأخطاء التي لا بد من بيانها والحذر منها، وكثير من أهل العلم والفضل الذين خدموا العلم الشريف وأثروا المكتبة الإسلامية كانوا يتبعون مذهب الأشاعرة في الأصول، فنحن نستفيد مما خلفوه من العلم النافع ونستغفر الله لهم ونرجو أن يتجاوز الله عنهم، وأعلم أنه ليس لأحد أن ينزل أحدا جنة ولا نارا، فإن هذا مما اختص الله به وحده.

ونحن لا نشهد بجنة أو بنار إلا لمن شهد له الوحي بذلك والذي علينا هو أن نتعلم الحق وأن نعلمه للناس ما أمكننا وأن نبين خطأ المخطئ بلين ورفق وأن نستغفر له وندعو الله له بالهداية، وقد كان ينبغي لك أن ترفق بصديقك هذا عند تعليمه السنة وإرشاده إلى ما يلزمه من أمور الاعتقاد، وأن تبين له أنه ليس أحد من الناس معصوما، بل كل يؤخذ من قوله ويرد، وأن خطأ من أخطأ من شيوخه في بعض المسائل لا يستلزم تحقيرهم ولا الزراية عليهم، بل الذين علموه لهم قدرهم ومنزلتهم، فيدعو لهم ويسأل الله لهم الهداية ويناصحهم بلين ورفق ويحاول أن يبين لهم خطأهم فيما أخطأوا فيه من المسائل، ولعل السنة المحضة لم تبلغهم وبالتالي فهم  والحالة هذه معذورون بجهلهم وعدم علمهم، قال العلامة الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في شأن العلماء الذين وقع منهم التأويل للصفات وهم يظنون أنهم ينزهون الله عن مشابهة المخلوقين: ونحن نرجو أن يغفر الله لهم خطأهم، وأن يكونوا داخلين في قوله تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما. انتهى.

فالذي ننصح به صاحبك هذا: هو أن يعض على الحق بالنواجذ وأن يتمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة ، ففيها النجاة والفلاح، وعليه أن يناصح هؤلاء العلماء الذين وقعت منهم تلك الأخطاء فهذا من حقهم عليه لأنهم علموه ونفعوه أعظم نفع، وليكن بيانه لهم بيانا مهذبا رفيقا وليتحر الأسلوب الأمثل الذي يعلم أنهم يتقبلونه، وعليه أن يتأدب معهم وأن يوقرهم لما لهم من الحق عليه ولما أسدوه إليه من النفع، ولا حرج عليه في الاستفادة منهم في العلوم التي يعلم أنهم متقنون لها وليس عندهم خلل فيها، مع تجنب ما عندهم من أخطاء وليجتهد في الدعاء لهم بالهداية والسداد وأن يوفقهم الله لأرشد أمرهم، نسأل الله أن يهدينا وإخواننا لما اختلف فيه من الحق بإذنه إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة