السؤال
أشكركم على هذا الموقع وأدعو الله أن يثيبكم ويجزيكم عنا كل خير. لا أدري كيف أبدأ, ولكني قررت أن أكتب لكم بدافع: اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.
لو أن بنتا مسلمة قبل زواجها ضعفت -للأسف- وارتكبت معصية فيها حد، فعلت قاذورة من القاذورات والعياذ بالله معصية أدعو الله أن يخلصنا منها ألا وهي الزنا والعياذ بالله، ومنذ تلك اللحظة وهي غارقة في الندم وتائبة إلى ربها توبة نصوحا، هي مرة واحدة فعلتها عن ضعف منذ عدة سنوات، وبعدها استترت بستر الله وتابت توبة نصوحا، التزمت الصلاة وحفظت القرآن وطبقته واستقامت والحمد لله رب العالمين، ثم بعد ذلك -ولا حول ولا قوة إلا بالله-فضح أمرها, وذاع خبر زناها, لأن من زنا بها لم يترك أحدا إلا أخبره ومنذ ذلك الحين وهي لا تستطيع مقاومة نظرات الناس لها, ولا تستطيع الذهاب للعمل, ولا تستطيع التفكير بالدين وبالاستقامة التي كانت عليها. ما الذي عليها أن تفعله ؟ أتنكر هذه الجريمة بدافع الستر وتشتكي للشرطة لإيقاف هذا الشخص عند حده أم يكون ذلك ظلما منها له؟
وهل توبتها قبل القدرة عليها وخصوصا مع ظهور أماراتها ومرور عدة سنوات (ربما أكثر من 10 سنوات ) بدون أن تعود للمعصية كفيلة بإسقاط الحد عنها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنهنيء هذه الأخت على ما أنعم الله تعالى به عليها من نعمة التوبة والإنابة وأن رزقها الاستقامة، فنسأله عز وجل أن يحفظها ويحفظ لها دينها. وننصحها بالحذر من كل ما يمكن أن يقودها إلى الوقوع في الفاحشة مرة أخرى من الخلوة المحرمة ونحو ذلك.
ولا يجوز للمسلم أن ينال من عرض أخيه المسلم وخاصة بعد ما يتوب من الذنب، فقد روى أبو داود أن رجلا من الصحابة ارتكب معصية فتاب منها توبة صادقة وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام عليه الحد. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلان من أصحابه يتكلمان فيه فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله، فقال: أين فلان وفلان؟ فقالا: نحن ذان، يا رسول الله، قال: انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار، فقالا: يا نبي الله: من يأكل من هذا؟ قال: فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكل منه.
وروى الإمام أحمد عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته.
إذن فقد أساء هذا الشاب إساءة بالغة بفضحه لهذه الأخت. وانظر الفتوى رقم: 21816.
ويمكنها أن تستخدم التورية في الكلام بأن تنفي كونها قد زنت وتعني مثلا أنها لم تزن بعد أن تابت ونحو ذلك من الكلام الذي يفهم منه السامع معنى ويقصد به المتكلم معنى آخر. وإن اضطرت إلى الكذب الصريح فلا حرج في ذلك للضرورة. وإن لم ينته هذا الشاب عن إشاعة هذا الأمر فيمكنها أن ترفع الأمر إلى القضاء الشرعي وتطالب بإقامة حد القذف عليه، ولا يضر كون القاذف على علم بأمر زناها ما دامت قد تابت.
ففي كتاب بلغة السالك – وهو في الفقه المالكي: وله القيام به , وإن علمه من نفسه: أي للمقذوف القيام بحد قاذفه , وإن علم المقذوف أن ما رمي به متصف به، لأنه أفسد عرضه . وليس للقاذف تحليف المقذوف على أنه بريء مما رماه به. اهـ.
وليس في مطالبتها بذلك ظلم منها له، بل هو الظالم لنفسه بهذا التشهير.
ولا يلزم هذه الأخت أن ترفع أمرها إلى الحاكم ليقيم عليها الحد، بل تكفيها توبتها.
وراجع الفتوى رقم: 17021.
والله أعلم.