السؤال
إذا دعا الخطيب في الجمعة، فالمسنون أن لا يرفع يديه أثناء الدعاء, لكن بقية المسلمين، هل يسن لهم رفع أيديهم أثناء دعاء الخطيب؟ وهل إذا رفعوها يأثمون؟ وما آراء جميع الفقهاء في هذه المسألة؟.
وجزاكم الله خيرا.
إذا دعا الخطيب في الجمعة، فالمسنون أن لا يرفع يديه أثناء الدعاء, لكن بقية المسلمين، هل يسن لهم رفع أيديهم أثناء دعاء الخطيب؟ وهل إذا رفعوها يأثمون؟ وما آراء جميع الفقهاء في هذه المسألة؟.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته ـ من كون السنة للإمام أن لا يرفع يديه إذا دعا في خطبة الجمعة ـ هو الصحيح الراجح، وفي المسألة خلاف، ذهب ابن عقيل ـ من الحنابلة كما نقله عنه في الفروع، وبعض المالكية كما نقله عنهم القاضي وذكره النووي في شرح مسلم وهو قول بعض السلف ـ إلى مشروعية رفع اليدين واستدلوا على ذلك بالعمومات، والأصح عند الحنابلة وهو قول الشافعية والمالكية عدم استحباب الرفع، ولم نر من فرق في هذا بين الإمام والمأموم فاستحب الرفع للمأموم دون الإمام، بل ظاهر إطلاق من كره الرفع من الفقهاء أن ذلك يشمل الإمام والمأموم، قال في حاشية الروض: وأشار بأصبعه عند ذكر الله ودعائه وأمن الناس، ولا يستحب رفع اليدين في الخطبة، قال المجد: بدعة، وفاقا للمالكية والشافعية وغيرهم.
وقال الشيخ: الأصح أنه مكروه، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يشير بأصبعه إذا دعا، ورأى عمارة بشر بن مروان رفع يديه في الخطبة فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بأصبعه المسبحة. رواه مسلم وغيره. انتهى.
وقال العيني في شرح أبي داود: والحديث أخرجه مسلم والترمذي والنسائي، وفيه: من السنة أن لا ترفع اليد في الخطبة، وهو قول مالك والشافعي وغيرهما.
وحكى عن بعض المالكية وبعض السلف إباحته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى، وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض. انتهى.
وممن صرح بأن حكم المأموم في عدم الرفع هو حكم الإمام العلامتان: ابن باز وابن عثيمين ـ رحمهما الله ـ سئل ابن باز ـ رحمه الله: فأجاب: رفع اليدين غير مشروع في خطبة الجمعة ولا في خطبة العيد ـ لا للإمام ولا للمأمومين ـ وإنما المشروع الإنصات للخطيب والتأمين على دعائه بينه وبين نفسه من دون رفع صوت، وأما رفع اليدين فلا يشرع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه في خطبة الجمعة ولا في خطبة الأعياد ولما رأى بعض الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكر عليه ذلك، وقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفعهما، نعم إذا كان يستغيث في خطبة الجمعة للاستسقاء، فإنه يرفع يديه حال الاستغاثة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في هذه الحالة، فإذا استسقى في خطبة الجمعة أو في خطبة العيد، فإنه يشرع له أن يرفع يديه تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة إنما يشرع في دعاء الاستسقاء فقط، لما جاء في حديث أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ فإذا دعا الإمام بالاستسقاء أي قال: اللهم اسقنا، اللهم أغثنا، فهنا ترفع الأيدي ـ يرفعها الخطيب والمستمعون كلهم ـ وفي غير ذلك لا رفع ـ لا للإمام ولا للمأمومين ـ ولهذا أنكر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على بشر بن مروان حين رفع يديه بالدعاء في خطبة الجمعة، وإنما يشير الإمام إشارة فقط عند الدعاء إشارة إلى علو المدعو وهو الله تبارك وتعالى. انتهى.
وهذا القول ـ وهو عدم مشروعية رفع المأموم يديه في الدعاء في خطبة الجمعة ـ هو ما رجحناه، وذلك في الفتوى رقم: 31467.
والله أعلم.