السؤال
من باب البلاغ قلت لزميل لي في العمل إن الاختلاط في التعليم والعمل محرم، والشركة التي نعمل فيها مختلطة، فما أن بدأ زميلي بالتململ وبسرعة قرأت الأفكار التي قد تخطر عليه وهي معروفة؛ وهي؛ أنه لا يوجد عمل غير مختلط فهل يعني هذا أن نترك العمل؟،وقبل أن يتكلم قلت له: فاتقوا الله ما استطعتم. بمعنى أنه يجوز العمل في الأماكن المختلطة ومثالي على الشركة التي نعمل فيها. سؤالي: هل قولي هذا يعتبر من باب القول على الله بغير علم، علما بأني متضرر من الاختلاط في التعليم والعمل منذ الصغر ولم أعلم بحرمته إلا مؤخرا وأريد أن ابلغ الحكم حتى تعم الفائدة؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا أن الاختلاط الشائع الآن إنما هو من كبائر الذنوب ومن منكرات الأخلاق والأعمال، وبينا أنه لا يجوز العمل في الأماكن المختلطة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 80583.
وعليه؛ فإن الواجب على من يعمل في مثل هذه الأماكن أن يسارع بتركها، فإن ضاقت عليه الأمور ولم يجد بديلا وهو محتاج إلى هذا العمل وفي نيته أن يفارقه إذا يسر الله بديلا فلا حرج عليه حينئذ في الاستمرار فيه بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية من غض البصر وترك الخلوة بالنساء ومحادثتهن بغير حاجة ونحو ذلك على ما بيناه في الفتوى رقم: 8677.
وعلى ذلك فإن إخبارك هذا الرجل بحرمة العمل في الأماكن المختلطة ليس من القول بغير علم لأنك على علم بهذا وهو مما لا يخفى والحمد لله.
أما قولك له: فاتقوا الله ما استطعتم. {التغابن: 16}. فإنه حق لأن هذه آية محكمة من كتاب الله سبحانه ولكنه لا ينبغي إطلاقها هكذا لأن تحديد الاستطاعة وعدمها والضرورة وقدرها مما يرجع فيه إلى أهل العلم، وكثير من الناس يتقحم الكبائر الموبقات على بصيرة ويفرط في الفرائض المتحتمات على بصيرة وهو يستند جهلا وضلالا إلى هذه الآية الكريمة. فالواجب الرجوع في ذلك إلى أهل العلم، قال تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. {النحل: 43}.
قال القرطبي رحمه الله: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها لعدم أهليته فيما لا يعلمه من أمر دينه ويحتاج إليه أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده فيسأله عن نازلته فيمتثل فيها فتواه، لقوله تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. {النحل: 43}. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. انتهى.
وراجع خطورة القول على الله بغير علم في الفتوى رقم: 128208.
والله أعلم.